الإحتلال يولِّد العنف – بقلم اسكندر عمل


الكثير من أمهات الجنود الذين تحولوا إلى أدوات قتل وتعذيب للفلسطينيين في المناطق الفلسطينية المحتلّة يقلن أنهنّ لم يربين اولادهم على العنف والقتل بل على الحب والمسامحة والخير فكيف تحوّل هؤلاء الأبناء إلى ما آلوا إليه؟ والواقع أنّ هناك من أخذ هؤلاء الشباب الودعاء بعد سن الثامنة عشرة وحوّلهم إلى أشخاص ذوي قلوب قاسية لا تعرف الرحمة، إلى آلات للعنف ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني، الشعب الذي شُرِّد أكثر من مرة.
اعتقد القادة أنّ من كان عنيفاً في مناطق الاحتلال لن يكون كذلك عندما ينهي خدمته وهذا اعتقاد غير صحيح، لأنّ هؤلاء الذين خلقت منهم عنيفين ضد أبناء الشعب الفلسطيني المحتل سيعودون إلى لطفهم الذي تربوا عليه قبل أن يعودهم القادة على العنف، وهذا الاعتقاد لا يتحقّق عندما يعود هؤلاء إلى بيئتهم ومجتمعهم، فهم يصبحون كما كانوا في المناطق المحتلّة عنيفين تجاه ابناء مجتمعهم، لأنه لايمكنك أن تربي شخصاً على العنف هناك وتفطمه عن ذلك هنا.
نتساءل لماذا أصبح المجتمع الإسرائيلي عنيفاً لماذا يقتل الزوج زوجته والأخ أخاه ، لماذا غاب الحوار والتفاهم في حل المشاكل وحلّ مكانه العنف والقتل والقسوة؟ والجواب هو ،. الاحتلال ، ولا يمكن للمجتمع الإسرائيلي أن يعود إلى الاستقرار والتسامح وحل الخلافات بالطرق الإنسانية، والاحتلال قائم، لذلك على المتظاهرين اليوم أن يتظاهروا ضد الاحتلال لأنه سبب المصائب في المجتمع الإسرائيلي.
على الاسرائيليين أن يطلقوا الصهيونية فقد قامت دولة الشعب اليهودي وانتهت مهمة الصهيونية، وما تبقّى أن تقوم الدولة الفلسطينية المستقلّة بحدود الخامس من حزيران عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس، وعندها ينتهي الاحتلال ويعود الوضع إلى ما كان عليه قبل الاحتلال.
لكنّ الواقع للأسف الشديد بعيد كل البعد عمّا نريد ونتمنّى ، فالمسؤولون عن المظاهرات لم يسمحوا للعرب في التعبير عن رأيهم أثناء تلك المظاهرات وهذه أبسط الحقوق الديموقراطية، وفي حيفا راجعوا خطاب الرفيقة ريم خزان وطلبوا شطب وتعديل الخطاب حتى يُسمح لها بالمشاركة، وحسناً فعلت عندما رفضت ذلك ولم تشارك.
لكن هذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي ،فقد قام رفاقنا في التظاهر في بيت هكرنوت وكانت الخطابات بالروح اليسارية الحقّة لا المزيَّفة وغير الديموقراطية التي حاولت استثناءنا.
إنّ الانقلاب القضائي الذي تقوم به الحكومة الحالية يجب أن يواجه بالمزيد من النشاط الجبهوي وإبراز أهمية الانسحاب من المناطق المحتلّة وإزالة المستوطنات وخطر هذا الإنقلاب على الديموقراطية التي لم نتمتّع بالكثير من محاسنها سابقاً، لأنّ الفاشية التي ستسيطر إذا تمّ ما تريده هذه الحكومة سيكون نصيبنا منها ،نحن الفلسطينيين، كبيراً وستكون معانتنا مضاعفة.
إنّ الخطر سيحدق بالمجتمع الإسرائيلي كلِّه، لأنّ انعدام الديموقراطية وانعدام فصل السلطات ، خاصة الفصل بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والذي يريد الإنقلاب القضائي تحقيقه سيمكِّن الحكومة من اختيار قضاة المحاكم، خاصة محكمة العدل العليا، التي لم تنصفنا في كثير من الأحيان، وهذا يعني تحكُّم الحكومة اليمينية المتطرفة بالجهاز القضائي وهذا سيحوّل الحكم إلى حكم فاشي يتحكّم بالرقاب والعباد .

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*