قصر اليهود/كسر اليهود – فوزي حنا

إسم شامل لمنطقة المغطس على نهر الأردن شرقي أريحا، أطلِق هذا الاسم على دير مار يوحنّا الأرثوذوكسي، ويرمز إلى انشقاق النّهر وظهور اليابسة تحته في روايات توراتيّة، سيأتي ذكرها لاحقًا، وبالنسبة لهذا الدّير فقد بني في زمن الإمبراطوريّة العثمانيّة 1882، على انقاض دير من زمن الفرنجة 1106، على انقاض دير بيزنطي من بداية القرن السادس، وهو أوّل دير يبنى في هذه المنطقة.أمّا الأحداث التوراتيّة التي أعطت للموقع أهمّيّته وتسميته فاوّلها عبور جثمان يعقوب بعد وفاته في مصر حيث أُحضِر لدفنه في مغارة المكفيلّة، كما أوصى،(التكوين 50)، ويصف (صموئيل2) عبور داود النهر هربًا من وجه ولده أبشالوم، وجاء في (الملوك2) كيف شقّ إيليا النهر على مرأى من زميله أليشع قبيل صعوده بمركبة من نار، ويروي سفر (يشوع) عبور بني إسرائيل إلى أريحا إذ أوقف يشوع بن نون تدفّق النّهر وكأنّه كسره إلى شقّين، وعبر الشعب على اليابسة.ويأتي العهد الجديد ليضيف للمكان إضافة نوعيّة وهي تعميد السّيّد المسيح على يدي يوحنّا، وظهور الرّوح القدس على هيئة حمامة وصدور صوت من السماء يقول: هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت.لذا صار هذا المكان من اهمّ المواقع المسيحيّة المقدّسة، بنيت الكنائس والاديرة منذ العهد البيزنطي، وحين نفّذت المملكة الاردنيّة تنقيبات أثريّة في موقع يسمّى بيت عنيا وهناك تل، ليس صدفة أنّه يسمّى تل مار الياس، وبناءً على النتائج تمّ اعتراف اليونسكو بالموقع الأردني كأثر حضاري عالمي.وفي الناحية الغربيّة، حيث كثرت الأديرة من يونانيّة لروسيّة وإثيوبيّة وسريانيّة ورومانيّة وقبطيّة وفرنسيسكانيّة وغيرها، ما حدث في العام 1968لم يكن بالحسبان، فبعد الاحتلال الإسرائيلي سنة1967 دارت في هذه المنطقة صدامات كثيرة بين الفدائيّين الذين عبروا الاردن واشتبكوا مع الجيش الإسرائيلي، ورأى الجيش في الاديرة عائقًا له ومساعدًا للفلسطينيّين، فكان القرار بتهجيرها، هُجّرت الاديرة ونُهِبت وتعرّضت للتخريب والتدنيس(يظهر هذا في بعض الصّور المرفقة)، وتمّ زرع ما لا يقلّ عن 6500 لغم حولها.وفي أعقاب ذلك خصّصت المملكة الأردنيّة مساحات من الأرض لبناء الاديرة والكنائس وبيوت الضيافة لمختلف الطوائف المسيحيّة في الضفّة الشرقيّة، وهذا ما يلاحظه كلّ زائر للمغطس.بعد اتّفاقيّة أوسلو  وقيام السّلطة الفلسطينيّة بدأت مفاوضات بينها والطّوائف المالكة للأديرة من جهة وبين السلطات الإسرائيليّة من جهة أخرى، واتّفقت الأطراف على إزالة الألغام استعدادًا لإعادة بناء الاديرة، وعملت شركة بريطانيّة ذات خبرة، هي(هالوتراست) على إزالة الالغام بتكلفة 3 ملايين دولار تمّ جمعها من متبرّعين. بدأ العمل سنة 2018، على ان ينتهي العمل سنة2020، لكن للأسف لم يتمّ إخراج أكثر من ربع الألغام بسبب الجرف الذي نقلها من مكان لآخر ومن جهة أخرى ادّى الجرف إلى تراكم طبقات الأتربة فوقها. لذا بقيت منطقة الأديرة عسكريّة مغلقة لا يجوز دخولها بلا إذن عسكري.أمّا زيارة المغطس ذاته فقد تمّ السّماح بها للجمهور الواسع سنة 2011، كانت البداية ليوم واحد هو عيد الظهور الإلهي الأرثوذوكسي في19/1  ثمّ فّتِح لاحقًا للجميع في كلّ الأيّام، في ساعات النّهار فقط، ويلاحظ الزّائر وجود سياج من الجانبين مع لافتات تحذير من الألغام.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*