لماذا لا نعطي عظماءنا حقَّهم؟

بقلم اسكندر عمل

واشنطن: حديقة عامَّة في وسطها تمثال لجبران

في زيارتي الحاليَّة وزوجتي وضحى لمدينة بوسطن للقاء من نحبُّهم، ابننا هيثم الذي يتابع أبحاث ما بعد الدكتوراه للسَّنة الثَّانية على التَّوالي في جامعة إم آي تي في بوسطن بعد حصوله على شهادة الدكتوراة من معهد العلوم التَّطبيقيَّة “التِّخنيون” في حيفا، زوجة إبننا راغدة وحفيدتنا الغالية سما، وقفت في هذه المدينة التي عاش فيها جبران خليل جبران في غربته الطَّويلة، أمام نصب تذكاريٍّ لهذا العبقريِّ، وهو أقلُّ ما يمكن مما يستحقَّه هذا “النَّبي” تكريمًا له على ما أنتج وأبدع من أدب رفيع وبلغة المكان، الانجليزيَّة، أو قل أفضل ما كتب كان بالإنجليزيَّة، النَّبي، يسوع ابن الإنسان…
هنالك بيت قديم اعتقد كلُّ من زار بوسطن أنَّه بيت جبران والحقيقة هي أنَّ هذا البيت هو بيت الرَّسَّام الأمريكيِّ الذي دعم جبران مادِّيًا ومعنويًّا فرِد هولاند ديي، والواقع هو أنَّ النَّصب التَّذكاريِّ هو المَعلم الوحيد الذي يخلِّد جبران في بوسطن. النَّصب يقع في ساحة كوبلي مقابل مكتبة بوسطن العامَّة وهو مكان يؤمُّه أعداد كبيرة من سكَّان المدينة ومن السُّيَّاح، أي أنَّ النَّصب وُضِع في مكان بارز وفيه صورة لجبران وتاريخ ميلاده وتاريخ موته ونبذة قصيرة عن حياته، تقدير الجامعات والمدارس لعطائه وتأثيره على الإنسانيَّة.
أمَّا في واشنطن فهناك حديقة عامَّة في وسطها تمثال لجبران، وهذا الأمر نُفِّذ بعد إقرار تشريع خاصٍّ يسمح بذلك، لأنَّ القانون الأمريكيِّ يمنع إقامة تمثال شخصي لغير الأمريكيِّين.
فهل كرَّمْنا نحن العرب هذا الأديب العالميِّ الذي رفع من شأن الأدب والعرب في الغرب والقارَّة الأمريكيَّة وسائر العالم، أعتقد أنَّنا مقصِّرون في تكريم  عظمائنا، فكما هو معلوم أنَّ أوَّل تذكُّرٍ جدِّيٍّ لجبران في وطنه الأم لبنان كان بعد سبعين عامًا من وفاته عام 2001، حيث أقيمت حديقة عامَّة كبيرة يتوسَّطها تمثال نصفيٍّ للأديب الكبير جبران خليل جبران.فهل هذا فقط ما يستحقَّه أديب ومفكِّر وفيلسوف تُرجمت كتبه إلى عشرات اللغات وبيع من كتابه النَّبي تسعة ملايين نسخة في عام واحد!
متى سنعطي عظماء أمَّتنا وشعبنا ما يستحقُّونه من الثَّناء وردٍّ ولو جزء من الجميل الذي في رقابنا؟
متى يصبح تكريم مفكّرينا وأدبائنا وشعرائنا و…..و….. في حياتهم وليس بعد مماتهم؟
صحيح أنَّه بدأت مبادرات كهذه في الفترة الأخيرة لكنَّها ارتبطت بمرض هذا الأديب أو ذاك، أو بلغ من العمر عتيًّا والتَّكريم يكون كوداع مسبق له، حتَّى الكلمات وقد كنت حاضرًا في كثير من المناسبات محليًّا، وكانت كأنَّها رثاء للشَّخصيَّة وهو لا يزال بيننا حيًّا يُرزق. وإذا أُطلِق اسم أحد قادتنا على ناد أو شارع  يستمر النَّاس حتّى المقرَّبون منه اجتماعيًّا أو سياسيًّا في تسمية النَّادي أو الشَّارع باسمه القديم.
فنادي إميل توما في حيفا أُطلِق على نادي الموارنة لكنَّ  رفاقنا لا زالوا يطلقون عليه في حديثهم نادي الموارنة، ليس هذا فقد تُرِك لسنوات مهملاً وهذا لا يليق بقائد كإميل توما. وأنا أناشد أبناء شعبنا في حيفا أن يكفُّوا عن إطلاق اسم شارع قيساريا وأن يسمُّوه باسمه الجديد شارع توفيق طوبي.

  (بوسطن)

 

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*