اليمين يتصارع.. المركز يتراجع.. اليسار يتنازع.. والمشتركة تتفاقع – زياد شليوط

تبدو الساحة السياسية الانتخابية الاسرائيلية مرتبكة بعض الشيء وتشوبها الفوضى السياسية إلى حد ما، نتيجة التحركات السريعة التي تشهدها بعد الاعلان عن حل الكنيست الـ23 واجراء الانتخابات للكنيست الـ 24 في آذار القادم، وعدم توفر الوقت الكافي أمام الأحزاب الموجودة والمتوالدة كالفطريات بعد شتاء لترتيب أوراقها، حيث شهد الأسبوع الأخير ولادة أحزاب جديدة، تقوم على أنقاض أحزاب قديمة أو منهارة.

على صعيد اليمين تتضح الصورة بأن الصراع على رئاسة الحكومة سيتمحور بين ثلاثة مرشحين وهم رئيس الحكومة الحالي وزعيم “الليكود” المطلق بنيامين نتنياهو، وجدعون ساعر زعيم الحزب الجديد “أمل جديد”والمنافس الجدي لنتنياهو، ونفتالي بينيت رئيس حزب “يمينا”، الذي اضطر إلى اعلان منافسته على رئاسة الحكومة بعد ساعر، وبعدما حصل تراجع لحزبه في الاستفتاءات الانتخابية وصعود حزب ساعر، في محاولة منه لاسترجاع ما خسره فيها. وستتنافس تلك الأحزاب على احراز أكبر عدد من المقاعد في الكنيست القادمة، إلى جانب منافسة كبيرة من الأحزاب اليمينية المتدينة إضافة الى حزب “يسرائيل بيتينو” بزعامة أفيغدور ليبرمان. وقد بات من المعروف أن الكنيست الـ24 ستكون الأكثر يمينية، ويتمحور الصراع بالأساس بين الأحزاب اليمينية التي ستهيمن على الكنيست.

على صعيد أحزاب المركز يلاحظ تراجعها الكبير خاصة في أعقاب التجربة الفاشلة والمأساوية لحزب “كاحول لفان”، الذي سجل رقما قياسيا في العدو نحو الهاوية. هذا الحزب الذي لم يمض على تشكيله عامين، وشكل أملا كبيرا لملايين الاسرائيليين في التخلص من حكم نتنياهو وشكل بديلا وكاد أن ينجح في تشكيل الحكومة، لكن سذاجة رئيسه الجنرال غانتس وضعفه أمام توجهات رئيس الدولة، وسقوطه في شباك نتنياهو، أدت إلى انقسام الحزب إلى حزبين أولا، وانتهائه الى فلقات حزبية، حيث فرط غانتس بآخر حلفائه وأعلن بأن “الباب مفتوح أمام من يريد الخروج من الحزب”، وكأنه تبقى من هو داخل الباب. فهذا آفي نيسانكورن، وزير القضاء والذي اعتبر أحد أبرز قادة الحزب المنهار، وبعد انشقاق العديد من نوابه في الكنيست، أعلن خروجه من الحزب والانضمام إلى رون خولدائي، وبات الرجل الثاني في حزبه الجديد الذي أسماه “الاسرائيليون”، وأعلن عنه مساء الثلاثاء الماضي. وكذلك وزير الخارجية، غابي أشكنازي آخر الموالين لغانتس، أعلن عن انسحابه من الحياة السياسية وعدم الترشح للانتخابات المقبلة.

هذا وأبلغ آيزنكوت، رؤساء أحزاب بأنه قرر عدم المشاركة في انتخابات الكنيست، بعد أن كان في الأسابيع الأخير على اتصال مع عدد من قادة الأحزاب ودراسة إمكانية الانضمام إلى أحدها، نظرا لعدم اكتمال المدة التي يجب أن يقضيها خارج الحلبة السياسية، مما أفقده الأمل في الحصول على منصب وزاري بعد الانتخابات.

وأظهر استفتاء بعيد اعلان خولدائي بأن حزبه سيحصل على 8 مقاعد في الكنيست، وهذا يعني اقتناصه مقاعد من أحزاب المركز واليسار بالأساس.

أما عوفر شيلح، الرجل الثاني في حزب “يش عتيد” برئاسة لبيد، فقد انسحب هو الآخر من حزبه الذي ساهم في تأسيسه وأعلن عن تأسيس حزب جديد يهتم بالمستقلين الصغار، لكن الاستطلاعات لا تمنحه عبور نسبة الحسم، مما يعني أنه لا بد له أن يتحد مع أحد أحزاب المركز أو اليسار الذي يميل اليه ويتفق وطروحاته، وهذا ما لم ينفه في لقاء اذاعي، الأربعاء الأخير.

وعلى جبهة أحزاب اليسار فقد ثبت أنه لم يعد هناك ما يسمى يسار في اسرائيل، واذا اعتبرنا مجازا حزب “العمل” من ذلك اليسار، فان الحزب يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهو في حالة نزاع أي أنه يشرف على الموت، وكل محاولات ميراف ميخائلي في إنعاشه لن تجدي، لأن جميع من توجهت إليهم من خارج الحزب للقدوم والتنافس على رئاسته، إما تجاهلوا دعوتها أو اختاروا طريقا مغايرا في أحزاب أخرى أو قرروا الاعتزال، وذلك يؤكد أنهم يرون أيضا في حزب العمل حصانا خاسرا، بعد أن عجز وهرم، وحتى أعجوبة لن تعيد له عافيته وشبابه المفقود، وليس غريبا أنه لا يتجاوز نسبة الحسم في جميع الاستطلاعلاات منذ فترة طويلة.

وكذلك حال حزب “ميرتس” لا يختلف، فهو فقد بريقه، من جهة ينادي بالشراكة اليهودية- العربية ومن جهة لا يعمل بها، وجاءت خطوة “خولدائي” لتنهش منه آلاف الأصوات وتفقده مقعدا، وتجعله في منطقة خطورة اجتياز نسبة الحسم. وبالتالي تدخل أحزاب “اليسار” في حالة تنازع ومنازَعَة

وإذا التفتنا للقائمة المشتركة التي تعاني من وضع “الإفقاع” أي سوء الحال وفق تعريف “لسان العرب” على أقل حد، لا يجعلها في وضع مستقر ولن تجديها تصريحات “التفقيع”، أي التشدّق بأن حالها بخير، لأنه كلام غير مقنع وغير واقعي. ومن تابع ويتابع تصريحات رؤساء مركبات المشتركة وعدد من نوابها في البرلمان، وخاصة من يوم لآخر،يتأكد مما سبق وقلناه بأن القائمة تعاني من شرخ جدي وهي ذاهبة إلى الانقسام لقائمتين على الأقل. صحيح أن جميع المركبات تدعي حرصها على المشتركة، بل يغالي البعض من باب المنافسة وكلّ يدعي أنه صاحب فكرة المشتركة، متجاهلا رفع نسبة الحسم في حينه الذي أدى إلى تشكيل المشتركة، واذا ما نجح مخطط نتنياهو الجديد بالعودة إلى تخفيض نسبة الحسم، سنرى عندها كيف ستعود أحزاب المشتركة إلى انقساماتها وصراعاتها العلنية.

بقي أن نشير أن استطلاعات الرأي وتوزيع المقاعد بموجبها غير ثابت وهو متغير دائم يوميا وليس أسبوعيا فقط، وبما أن الخارطة الحزبية لم تهدأ بعد وما زالت في طور التشكّل والتكوّن، فانه لا يمكن الحديث عن توزيع القوى بشكل أكيد، ونترك هذا الأمر للأسابيع القليلة القادمة.  

(شفاعمرو – الجليل)

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*