دخل منصورا وخرج معصورا زياد شليوط

دخل منصور عباس الكنيست من خلال القائمة المشتركة، رئيسا للقائمة العربية الموحدة (الحركة الإسلامية) إحدى مركبات المشتركة. دخل منصورا بالشراكة التي تمت بين مركبات القائمة، وبتأييد الجمهور العربي الذي لم يبخل عليهم بالأصوات ورفع التمثيل إلى 15 مقعدا. لكن منصور لم يكن معروفا بين الجمهور، وبعد أن دخل الكنيست لم يلفت اليه الأنظار. احتار في أمر نفسه كيف يكون ذلك وهو رئيس قائمة داخل المشتركة؟ كيف لا يكترث له أحد وخاصة من السياسيين، والأهم من الاعلاميين الذين يلهثون وراء رئيس المشتركة النائب أيمن عودة، بعدما اكتشفوا أن لديه خطابا مختلفا ومقبولا على الأذن اليهودية، وهم الذينيبحثون دائما عن نجوم جديدة إعلاميا، وذلك بعد سنوات من احتلال النائب أحمد طيبي للشاشة الإسرائيلية. ولأن عودة لم يقدم الوجبة كاملة للإعلام الإسرائيلي، تحولوا عنه بانتظار ميلاد نجم جديد. وجاءت الفرصة عند تسريب الأخبار عن اتصالات بين النائب المغمور منصور عباس ومكتب رئيس الحكومة نتنياهو، وانقض الاعلام الإسرائيلي علىعباس وبات ضيفاً مرغوباً به، ولم يبخل عليهم بتصريحات ترضيهم وتمثل “العربي الجديد” بنظرهم، وسرعان ما تحول منصور إلى نجم إعلامي في وسائل الإعلام الإسرائيلية، حتى لم تبق وسيلة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية إلا وأسرعت إلى لقاء عباس وبات اسمه معروفا عن ظهر قلب، وأعجب منصور باللعبة، وكبر معها، وأخذ يتعالى على وسائل الإعلام العربية “المتخلفة” التي تركها لزميله وليد طه، الذي تحول إلى عباسي أكثر من عباس.

دخل منصور اللعبة وهو يردد أنه لا عيب إن كان نتنياهو يستغله فهويستغل نتنياهو أيضا، وهنا تذكرت المثل الشعبي الذكي “وشرّ البليّة ما يضحك”، لكن هذا الموقف لا يضحك فعلا، واستمر في التصريح بأن من يريدنا فهواتفنا معروفة ( تطوير لمقولة يوسي سريد ابحثوا عنا)،وأوغل قائلا نريد أن ندخل للحكومة لنؤثر من الداخل وغيرها، وأعجب الإعلام الإسرائيلي بجرأة عباس وخروجه عن وحدة الصف، وشجعوه على التفرد والخروج عن ثوابت المشتركة التي وقع عليها بيده، بل تمادى عندما أعلن بأن قرار الأغلبية لا يعني الاجماع، ولدينا اجتهاداتنا، أي أنه يحق له أن يفعل ما يريد ويبقى داخل المشتركة، وبعدها يخرج ويعلن أن أحزاب المشتركة تقاطعه ولا تريده، جريا على لعبة الأولاد الصغار “ضربني وبكى وسبقني واشتكى”.

وتناول منصور عباس الطعم والتهمه متلذذا وهو يظنّ كلّ الظنّ أنه نال من نتنياهو، هو لا يدري أنه وقع في شباك الداهية ولم يعد له من خلاص، فلا هو يمكنه العودة ولا يمكنه مواصلة الطريق الجديد، أي أصابه ما أصاب الغراب الذي أراد تقليد مشية الحجل، ووقع منصور “بين حانا ومانا” ولم يصب من الدنيا إلا الإهانة، وليته قرأ نصيحة “هآرتس” بالاعتبار من تجربة جنرالات ثلاثة، دخلوا معترك السياسة ووجه لهم نتنياهو ضربة قاضية من أول جولة، أخرجتهم من الحلبة السياسية مهزومين محبطين.

وهكذا لم يترك نتنياهو حليفه الجديد منصور يهنأ بما خيّل إليه من إنجازات، وسحب البساط من تحت قدميه بالمفاجآت. وبعدما ضمن أنه بات مقبولا عند العرب وفتح له المجال، وتوصل البعض من العرب إلى نتيجة أنه لا حاجة بهم للوصول الى نتنياهو للوساطات، فأعلن الساحر عن اكتشاف “دمية” عربية ليكودية جديدة، وأسقط في يد عباس بعدما انتظر رنين هاتف نتنياهو طويلا، وسبقه هذا الى بلداتنا وجمهورنا مخاطبا إياهم بالسلام عليكم، مقدما الوعود والأوهام لهم وباسطا المخططات أمامهم. وعاد منصور الى أركان المشتركة ليصلح ما أفسده من أعمال، لكن متسلحا بأسلوب نتنياهو في المراوغة والسجال وكسب الوقت، وبعدما ظن منصور أن يعصر نتنياهو خرج من المولد”معصور”، وحتى أحابيله مع المشتركة لم تسعفه، فهرب منها وهو يصرخ ويقول: “امسكوه حرامي”! فمن هو الحرامي يا ترى؟!

(شفاعمرو – الجليل)

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*