Blog Detail

تعتبر صحراء النّقب جسرًا بين القارّات، هذا الجسر الذي ربط أنحاء العالم، فمنه مرّت القوافل وجيوش الغزاة، لذا فلا غرابة أن نجد فيه حضارةً بشريّة منذ آلاف السّنين، ما زالت تشهد على ازدهار هذه المنطقة. استغلّت الشعوب التي سيطرت على هذه الصّحراء السّيول والفيضانات لتملأ خزاناتها بالماء الذي يعينها على العيش في الفترة الجافّة.من أهمّ تلك الشّعوب التي استغلّت الصّحراء وبنت فيها الطّرق والمزارع والخانات والمدن، الأنباط الذين أُطلِق عليهم لقب (سادة الصّحراء). في النّقب المركزي جبال ترتفع أكثر من 900 م وعليها تسقط الأمطار بكمّيّة أكبر كلّ عام، وقد استغلّ الإنسان هذه الأمطار بأن جمعها في قنوات تؤدّي إلى خزّانات خفيّة تحت السّطح أو برك مفتوحة للرّي.من هذه الجبال جبل لوصان (لوتس) الذي يبلغ ارتفاعه 950 م، هنا توجد محميّة طبيعيّة فيها آثار حضارة زراعيّة تعرف باسمها العبري (بوروت لوتس) أي آبار لوتس وهو الاسم العبري لجبل لوصان، أمّا العرب فقد أطلقوا عليها (هرابة أم رتيمة)، والهرابة من الهارب الذي هو قناة الماء، أمّا الرّتيمة فهي نبتة صحراويّة تكثر في وديان النقب.في هذه المحميّة المثيرة وجد الباحثون 17 بئرًا منها ما هو مفتوح على شكل برك ومنها ما هو خفيّ تحت سطح الأرض. إليها تصل مياه السّيول عبر القنوات التي بنيت على السّفح.في هذا المكان نجد آثارًا قديمة، خاصّة للأنباط الذين بنوا البيوت والآبار والمدرّجات الزّراعيّة التي تمّ ترميم إحداها سنة 1981، بإعادة بناء السّلاسل الحجريّة وغرس الأشجار المثمرة، كنموذج لما كان.في المحميّة نجد ما هو أمثر إثارة، في وسط صحراء قاحلة، مجموعة من أشجار البطم الضّخمة الني يقدّر عمرها بمئات السّنين، وبعتقد بعضهم أنّها بقايا غابات غطّت المنطقة قبل آلاف السّنين.بسبب المياه نجد هنا حياة نشطة لنباتات كثيرة كالقطف والطّرفة وطيور الحجل واليمام والغربان والصّقور، كما توجد حيوانات تنشط نهارًا وبعضها ليلًا كالذّئاب والضّباع والأرانب البرّيّة وغيرها.للوصول إلى هذه المحميّة الغريبة الجميلة، نسافر وفقًا لما يلي، على شارع 40 بين بئر السبع ومتسپي رامون، بين إشارتي الكيلومتر 103 و104 نتّجه غربًا على شارع 171 وعليه نسافر نحو28 كم، وبين إشارتي الكيلومتر 5و6 نجد لافتة تدلّنا على اليمين عليها اسم المحميّة.هناك يوجد موقف للسّيّارات ومنه يخرح مسار سهل معلَّم بالأحمر يجوب المحميّة طوله 4 كم.