في أبو غوش – دير تاريخي – فوزي حنا

قرية أبو غوش الواقعة في جبال القدس على الطريق بين مدينتي يافا والقدس، وفيها نبع ماء جذب إليه عابري السّبيل كما جذبَ الناس ليستوطنوا المكان منذ العصر الكنعاني.وفي زمن الرّومان بنى الجيش العاشر مبنى ومسبحًا على العين، وبنوا حولها حصنًا، ما زالت بقاياه موجودة حتّى اليوم.ويقول ناصر خسرو في السفرنامه:(وقد رأيت في القرية عين ماء عذب تخرج من الصّخر، وقد بنيت هناك أحواض وعمارات.).عُرِفَت العين باسم عين المرزوق والقرية باسم قرية العنب، إلى أن سكنها في زمن العثمانيين في القرن السادس عشر، رجل مع حمولته ولقبه أبو غوش، ليتحوّل اسم القرية لاحقًا لتحمل لقب ذاك الرّجل. في القرن الثّاني عشر للميلاد اعتبر الفرنجة هذا المكان هو المذكور في الإنجيل (لوقا 14) بأن السيّد المسيح ظهر لرجلين في (إماوس)*، لهذا أقاموا كنيسة ضخمة على أنقاض الحصن الرّوماني مع المحافظة على بعض ما بقي من بناء، وقد رُفِعَت الكنيسة فوق أقبية بُنِيَت فوق العين، لذا فمن الكنيسة يوجد درج ينزل إلى القبو ثمّ إلى العين، وهناك درج ينزل من الساحة إلى القبو والعين دون المرور بالكنيسة. زيّن الفرنجة جدران كنيستهم وأعمدتها الرّباعيّة بإيقونات الفريسكو التي ما زال بعضها ظاهرًا ممّا ساعد على ترميمها. بعد سيطرة المماليك على البلاد حوّلوا الكنيسة إلى جامع، وبنوا بقربه خانًا ما زال ظاهرًا حتى اليوم، وشرعوا ببناء جامع قريب، لينتقلوا إليه، فصار مبنى الكنيسة اسطبلًا ومخزنًا للعلف والحبوب.استمرّ الوضع إلى ما بعد سيطرة العثمانيّين سنة 1517، وفي القرن التاسع عشر (1873) سُلِّمَت الكنيسة لفرنسا بعد الاتفاق بين السلطان عبد العزيز وقنصل فرنسا في اسطنبول، تمّ ترميمها وتنظيفها لتعود كنيسة كما تمّ بناء دير، في العام 1900، وفي العام 1953 تسلّم رهبان سنت لازاروس (العازر) الموقع من البندكتيّين . وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن الجامع القريب يسمّى (جامع العزير) والعزير ذكره القرآن في سورة البقرة بأنّه مات وأحياه الله بعد مئة عام، كما مرّ ذكره في سورة التّوبة (وقالت اليهود عزير بن الله).سنة 1976 عاد الرهبان البندكتيّون إلى الدّير. الدّير مفتوح للزّيارة كل أيّام الأسبوع من الثامنة والنصف حتى الحادية عشرة ومن الثانية والنصف حتى الخامسة والنّصف، ما عدا الآحاد والأعياد فالدير مغلق.بدخولنا من البوّابة نرى حديقة جميلة مليئة بالثمار والأزهار والآثار، إلى يسارنا أي جنوبي الحديقة تقع الكنيسة ولها مدخلان، الأوّل (الصّغير) في المستوى المنخفض من الحديقة يؤدّي إلى القبو والثاني (الكبير) في المستوى الأعلى يؤدّي إلى الكنيسة، وإلى يسار الداخل إلى الكنيسة يقع الدّير.______* يؤمن بعض المسيحيين، أن إماوس المذكورة في الإنجيل المقدّس ليست هنا بل في الموقع الذي نسمّيه عمواس (نيكوپوليس) ويؤمن آخرون أن الموقع في قرية القبيبه. والمواقع الثلاثة قريبة من بعضها.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*