مدينة واحدة – أسماء كثيرة – فوزي حنا


لم تعرف مدينة في التاريخ ما عرفته هذه المدينة من أسماء، وما هذا إلّا دليل على مجدها وأهمّيتها ومركزيّتها في كل الأزمنة ولدى كل الشعوب التي كانت لها معها صلة.إسمها الأوّل كان (شاليم) وهو اسم إله السّلام الكنعانيّ، ونفس الاسم كان لإله الشمس الغاربة أو كوكب المساء لدى شعب سوريّ، ويذكّرنا به الشّفق الأحمر عند الغياب، ويقرن حسن نعمه في كتابه (ميثولوجيا الشّعوب) اسمه باسم آخَر هو (شحر) بمعنى الفجر. من هنا اشتُقّت أسماء (سالم) و(أورسالم) و(أورشاليم) و(يروشاليم) و(يروساليم) وما شابهها.وتقول الباحثة (كارين آرمسترونچ) في كنابها (أورشليم، مدينة واحدة وديانات ثلاث) إنّ اسم سليمان بن داود مرتبط أيضًا باسم (شاليم)، وفي سفر  الأخبار  في العهد القديم جاء أن اسم (سليمان) مرتبط  بكلمة (شالوم) العبريّة بمعنى (سلام).ذكرت التوراة اسماء عديدة للمدينة، مثل، (ساليم) في المزامير و(يروشاليم) في يشوع و(ابنة صهيون) في أشعيا و(مدينة الله) في المزامير و(مدينة الحقّ) في زكريّا و(مدينة العدل) في أشعيا و(مدينة قدس) في نحميا و(المدينة المقدّسة) في نحميا و(القرية الأمينة) في أشعيا و(مدينة يهودا) في الأخبار 2 و(مدينة الملك العظيم) في المزامير و(ابنة صهيون) في أشعيا و(مدينة داود) في ملوك 2 و(مدينة اليبّوسيّين) في القضاة و(يبّوس) في يشوع و(أريئيل) في أشعيا.ويقول مصطفى مراد الدّبّاغ إن يشوع بن نون كان اوّل من دعاها يبّوس، وتقول كارين آرمسترونچ إن اليبّوسيّين عائلة كنعانيّة أرستقراطيّة عاشة في قلعتها هنا في العصر البرونزي.ويقول الدّبّاغ أيضًا إنّ في النقوش المصرية جاء اسم (أوشاميم) وإن اليونان والرومان كتبوا (هيروسوليما).وفي نصوص اللعنة المصريّة من القرنين 19و 18 ق.م.  وفي رسائل تلّ العمارنة من القرن 14 ق.م.ذُكرت باسم (روشاليموم).ذُكٓرت أيضًا في الكتابات المصرية الهيروغليفيّة باسم (يابثي) المحرّف من يبّوس.ذكرها الإنجيل المقدّس باسم (أورشليم) او (المدينة المقدّسة).في العام 173 ق.م. زارها أنطاكيوس اليوناني، فأعطاها اللقب اليوناني پوليس، وعُيّن كاهن اسمه منيلاوس الذي دعاها (أنطاكيا اليهوديّة) أي أنطاكيا التي في يهودا.في العهد الروماني هدمها تيطوس سنة 70م، ليبنيها إيليا هدريانوس من جديد سنة 135م ويجعل اسمها (إيليا كاپتولينا) وهو دمج بين اسم عائلته إيليوس واسم كاپتولينا مأخوذ من الكاپتول وهو مجمّع الآلهة في روما. وبعد اعتناق قسطنطين المسيحيّة في القرن الرابع أعاد لها اسم (أورشليم)، إلّا أنّ اسم إيلياء وهو الاسم المختصر من إيليا كاپتولينا فظلّ متداولًا، وخير دليل على ذلك ذكره في العهدة العمريّة سنة 638م.يقول كعب الأحبار إن السّماء بميزان (بيت المقدس) لو وقع حجر منها لوقع على الصّخرة الشريفة ولذلك دعيت (أورشليم) ودعيت (دار السّلام).إسم القدس وبيت المقدس في الكتابات والوثائق الإسلاميّة منذ صدر الإسلام، جاء على لسان الرّسول (ص): سيّد البقاع بيت المقدس وسيّد الصّخور صخرة بيت المقدس.وعن الآية30 من سورة البقرة (ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك)، جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي انّ معنى نقدّس لك، نطهّر أنفسنا لك، ومن هنا قيل للسّطل (المَقدِس) لأنّه يُتقدَّس منه أي يُتطهَُر، ومن هنا (بيت المقدس) أو البيت المقدّس المطهَّر من الذّنوب.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*