جبل أسدُم – فوزي حنا

أصل التسمية من مدينة (سدوم) التي تروي الحكاية التوراتيّة ان الله غضب على اهلها حين كثرث آثامهم (عدا لوط وعائلته) وانزل عليها نارًا وكبريتًا، بعد ان خرج لوط  وعائلته منها.امُا عن مصدر اسمها، فلا تذكره المصادر إلّا أنّ المنجد يقول إنّ (السّدم) هو الماء الآسِن، لذا لا غرابة ان يكون لهذا علاقة، فاحد اسماء البحر الميّت (البحيرة المنتنة) والمنتنة هي الآسنة، إذ أن مياهها لا تخرج منها ولا تتجدّد.أمّا الجبل فهو كتلة عظيمة من الملح تمتدّ إلى أعماق الأرض عدّة كيلومترات، تعلوها طبقات من التربة المترسّبة في بحيرة اللسان، إذ نجد في هذه الطبقات بقايا عظام اسماك، يبلغ ارتفاعه عن البحر الميّت (الحوض الجنوبي) ما لا يقلّ عن 200م، مع انّه ينخفض عن سطح البحر بنحو 194م.ينحصر الجبل بين سهل إمعاز في الغرب والذي يتوسّطه وادي النخابير، وبين البحر الميّت من الشرق.وكان الملح قد تكوّن في القاع، ونتيجة الضغط الكبير عليه ارتفع في الناحية الغربيّة للشّق مكوّنًا هذا الجبل.لأنّ الملح سريع الذوبان في الماء فقد عملت الأمطار القليلة في زمن طويل ما يشبه العمليّات الكارستيّة، فقد عملت المياه عدّة اخاديد وحيث توقّفت المياه في المنخفضات الموجودة في الجبل بدأت تذيب الملح مكوّنة حفَرًا أخذت تتعمّق عامًا بعد عام مكوّنةً آبارًا عميقة لتخرج منها المياه بشكل افقي إلى البحر، وهكذا تكوّنت المغاور ذات (المداخن)، ولعلّ اشهر هذه المغاور وأكبرها مغارة سدوم، التي يعلو مدخلها عمود صخري سمِّي (زوجة لوط)، لتكريس ما جاء في قصّتها بان الإله عاقبها إذ عصت أمره بألّا تنظر إلى الوراء لترى ما يحدث لمدينتها، فحوّلها إلى عمود من ملح.وتظهر في المغاور ظواهر كارستيّة جميلة كالصّواعد والهوابط. ولأنّ الملح سلعة هامّة استعملها الإنسان في حفظ الطعام، استُغِلّ ملح هذا الجبل ونُقِل إلى جهات عديدة إلى الغرب عبر وادي الزويرة ليُدعى وادي الملح وكذلك عبر البحر إلى الضّفّة الأخرى .وفي زمن الانتداب البريطاني فازت عائلة شكري الديب العربيّة المقدسيّة بامتياز استخراج وتسويق الملح، فأقامت محجرًا لقصّ وطحن الصخور الملحيّة، وما زالت آثار المحجر وبعض آلاته ظاهرة قرب مغارة سدوم.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*