مدينة سبيطه – فوزي حنا

 بنى الأنباط العرب في النقب أربع مدن هي عبدات، كرنب، حالوصه وسبيطه، بالإضافة للخانات والأبراج على الدروب التجاريّة.
ومعروف أن الأنباط عملوا بالتجارة وخاصة المواد الثمينة كالملح والتوابل والعطور والبخور والحرير، لهذا سميت درب العطور ودرب الحرير.
 ربّما تكون سبيطه وهي الأقرب إلى ميناء غزّة من أجمل وأهم هذه المدن.
 يعود تاريخها إلى نهاية القرن الأول قبل الميلاد ومطلع القرن الأول للميلاد، أي مع بداية العصر الروماني، وفي الفترة البيزنطية اعتنق سكانها المسيحية وأضافوا الكنائس، وفي هذه الفترة ازدهرت المدينة أكثر، واستمر ازدهارها حتى مطلع الفترة العربية الإسلامية في القرن السابع للميلاد، لكنها أهملت لاحقًا حتى هجرت وخربت بين القرنين التاسع والعاشر، ثم جاءها بدو واستوطنوها وبنوا خيامهم على خرائبها ورمموا بعض بيوتها وعاشوا حتى هجّرهم الاحتلال الإسرائيلي سنة 1948، ليعود المكان قفرًا، لكن استيطانًا جديدًاً يهوديًّا هذه المرّة، وجد طريقه إلى المكان سنة 1954 لكنه لم يصمد أكثر من سنتين.
الپروفسور أڤراهام نيچڤ المتخصّص بالأنباط وآثارهم، (ولشدة عشقه للنقب غير اسم عائلته الأصلي آيزنبرچ وجعله نيچڤ)، قام بجولتين تنقيبيتين، الأولى 1956-8 والثانية 1970-6
(إضافة لبعثات أخرى) وربما كان له الفضل الأكبر بكشف خفايا حياة هذه المدينة المهمّة.
 من أهم ما كُشِف كانت الاسطبلات والكنائس والبرج المركزي ومعصرة العنب وبركة الماء.
 كُشفت طرق تخرج من المدينة شمالًا وكلها تؤدّي إلى البركة المزدوجة التي زوّدتها قنوات حجريّة بمياه السيول من المنحدرات المجاورة للمدينة، كذلك معصرة العنب الكبيرة التي تدل على زراعة العنب وصناعة النبيذ، خاصة في العصر البيزنطي.
أما الكنائس فهي ثلاث متفاوتة المساحة، والكبرى بينها كانت جدرانها ومسطبتها مغطاة بألواح من الرّخام الأبيض، مما يدل على غنى المدينة واهتمامهم بالكنيسة.
 أمّا البرج الموجود على تقاطع طرق في مكان مركزي فقد بقي جزء منه صامدًا ليكشف لنا نمط البناء النبطي الخاص.
 للوصول إلى الموقع، نسافر على شارع 40 من بير السبع جنوبًا حتى مفرق بير عسلوج ( مشأڤي ساديه) وبعده بكيلومترين نترك شارع 40 يمينًا إلى شارع 211 وبعد نحو 10 كم توجد لافتة تدلنا على المكان يسار الشارع.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*