نُصُب الطيّارَين التركيّين (في أرض السمرا) – فوزي حنا

على شارع 92 المحاذي للشاطئ الشرقي لبحيرة طبريا، وعند مدخل هأون بيوت حجريّة سوداء قديمة، كانت تابعة لقرية السمرا العربيّة التي هُجّرت مع جارتها النقيب بعد قيام دولة إسرائيل.تقابلها من الشرق سفوح الجولان الجنوبي، وعند أقدامها سقطت في السابع والعشرين من آذار 1914 طائرة تركيّة، واحترقت مع طيّارَيها، لذا أقيم هنا نصب تذكاري.كانت الحرب العالميّة الأولى قد اندلعت، وكان على كلّ دولة إظهار قدرتها ورفع معنويّات سكّانها، وهذا ما فعلته السلطة العثمانيّة، إذ أرسلت طائرة من اسطنبول إلى القاهرة.حملت الطائرة اسم (معاونت ملّيت) أي المساعدة القوميّة، غادرت اسطنبول وكان على رأس مودّعيها السلطان محمّد رشاد، وكانت محطّاتها كالتالي: اسطنبول – إسكي شاهير – قونيه – أضنه – حلب – حمص – بيروت –  دمشق – القدس – القاهرة.وكان لها استقبال حافل في كلّ مدينة حطّت فيها، وبعد مغادرتها دمشق، وأثناء طيرانها في سماء بحيرة طبريّا ضربتها ريح قويّة أسقطتها عند أقدام الجولان شرقي السمرا، فاحترقت وبداخلها قائدها الملازم فتحي بيك ومعاونه الرقيب صادق بك. انطلق من طبريّا حاكمها على متن زورق خاص، ووصل الموقع، وقام بنقل الجثمانين إلى محطّة القطار في سمخ، ليتم نقلهما إلى مثواهما الأخير قرب ضريح صلاح الدين الايّوبي في محيط الجامع الاموي في دمشق، حسب تعليمات وزير الحربيّة آنذاك أنور باشا.بعد شهرين أقامت السلطات العثمانيّة نصبًا تذكاريًّا، لكن بعد الحرب وخضوع بلادنا للانتداب البريطاني أُهمِل المكان، وبعد قيام دولة إسرائيل استمرّ هذا الإهمال لوقوعه في منطقة عسكريّة على الحدود مع سوريّا .بعد احتلال إسرائيل للجولان في حرب حزيران 1967 صار بالإمكان الوصول والاهتمام بالموقع، وتمّ هذا بالتعاون بين السلطات الإسرائيليّة المختصّة وسفارة تركيا في إسرائيل، وفي العام 1990 أخذ أحد سكّان هأون(وهو يرح فارن) على عاتقه تطوير وحماية المكان تطوّعًا، فأقام جدارًا وغرس حديقة وصان المكان إلى أن وافته المنيّة سنة 2020.وُضِعت في المكان لافتة تشرح عن النصب باللغتين العبريّة والإنچليزيّة، عليها ثلاث  هيئات هي السفارة التركيّة ومجلس حفظ الآثار والمجلس الإقليمي عيمك هيردين.وقامت السفارة بإضافة نسرين من البرونز فاردَي الجناحين على جانبي النصب الأساسي.أما النصب المركزي الاساسي فيتكوّن من قاعدة رباعيّة مبنيّة من حجارة سوداء، تعلوها مسلّة بيضاء ارتفاعها 5 أمتار، عليها بعد الفاتحة كتابة بالتركيّة (بأحرف عربيّة)، ترجمتها:(لذكرى الشهيدين الملازم فتحي بك والرقيب صادق بك، طيّارَي سلاح الجو القومي اللذَين سقطا في هذا المكان بسبب الرّيح أثناء طيرانهما من اسطنبول إلى مصر من أجل الهدف السامي للجيش العثماني.3 ربيع الأوّل 1332.) على القاعدة البازلتيّة أضيفت المحطات المخطّطة للطّائرة وموقع سقوطها وانقطاع رحلتها.ولعلّه من المفيد ان نذكر ان أمير الشعراء أحمد شوقي رثاهما بقصيدة، مطلعها:أنظر إلى  الأقمار  كيف  تزولُوإلى وجوه السّعد كيف تحولُ

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*