النّبي يوشع – مقام وقرية – فوزي حنا

 النبي يوشع، كما يقول ابن كثير، هو ابن نون بن إفرايم بن يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، وعنه جاء على لسان ابي هريرة أنّ الرّسول قال إن الشّمس لم تُحبَس لبشر إلّا ليوشع.

وليوشع مقامات عدّة، في السّلط والبلقاء في الأردن وكفل حارس قضاء نابلس (وفيها قبره) ورسم الحدث في البقاع اللبناني وفي النبي يوشع في منطقة طرابلس في شمال لبنان، وغيرها.

أمّا المقام الذي نحن بصدده فهو في قضاء صفد في الجليل، قرب ملتقى الشارعين 886 و 899، ويعود تاريخه إلى القرن الثّامن عشر، حبن كانت السّيطرة للزّيادنة، وكان لكلّ فوم ولكلّ منطبة زعيم، منهم مَن والى الزّيادنة ومنهم مَن عاداهم، وكان في جبل عامل زعيم قبيلة اسمه ناصيف بن نصّار، رأى أنّ مصلحته التحالف مع ظاهر العمر الزيداني ضدّ محمّد أبي الذّهب، المدعوم والمحمي مِن السّلطة المركزيّة للقضاء على حكم الزّيادنة، وحين وصل أبو الذّهب إلى مشارف  عكّا، أحسّ ناصيف بقرب الخطر، نذر نذرًا بأن يبني انبيّ الله يوشع مقامًا إذا لم يصل إليه أبو الذّهب، وفي عكّا مات الأخير، وقيل إنّه مات مسمومًا، وجاء دور إيفاء النّذر، فتمّ بناء المقام سنة 1775 وهي سنة انتهاء حكم الزّيادنة.

 بُنِي المقام من غرفتين رئيسيّتين، في إحداهما ضريح، إضافة لغرف الذين خدموا المقام، وجعل ابن نصّار موعدًا للزّيارة وهو منتصف شعبان، حيث جاء المتاولة، وهم من الشّيعة، للزّيارة وإيفاء النّذور، كبرت العائلة المنتدبة لخدمة المقام وزوّاره، فكثرت بيوتهم لتصبح قرية صغيرة ما زالت آثار بيوتها ومقبرتها ظاهرة في الموقع.

 بلغ عدد سكّان القرية عند نكبتها عام 1948 لا يزيد عن 75 نفرًا.

 في أيّام الانتداب البريطاني أقامت السّلطة مركزًا للشّرطة من طراز تيچارت قرب القرية، وهذا البناء الهام سيطر عليه جيش الإنقاذ بعد انسحاب حاميته البريطانيّة في نيسان 1948، حاولت قوّات الپلماح احتلاله، فشلت في محاولتين وفقط في الثالثة  يوم 30 نيسان، وبمساعدة الطّائرات سيطرت على المركز بعد ان فقدت 28 مقاتلًا، لذا أقيم هنا مركز لإحياء ذكراهم وسمّي المركز قلعة كوّح (כח) أي 28. ولم يكن امام أهالي القرية إلّا الفرار إلى لبنان.

 سمحت السّلطات الإسرائيليّة للمتاولة زيارة المقام بعد ان احتلّت جنوب لبنان سنة 1982، لكن الأمر توقّف سنة 2000.

منعت السّلطات ترميم المبام كما في موابع كثيرة.

 موقع القرية مشرف على الحولة الجميلة، وعلى مدخل المقام كان نقش يؤرّخ بناءه، أزيل ولا يُعرَف مصيره، جاء فيه:

مقام شريف أطلع اليوم شمسَه

خليفة نصّر المؤيَّد بالنّصرِ

فلُذ بحماه طالبًا الذي يبتغي

من الله طول العمر مع وافر الأجرِ

وقُل عند إهداء السّلام مؤرّخًا

عليك سلام الله يا وافر الأجرِ

وبحساب الجُمّل للشّطر الأخير نحصل على 1163 وهي السّنة الهجريّة التي توافقها 1775/6م.

وفي الدّاخل على الجدار الجنوبي:

واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا.

وايضًا:

لا فتى إلّا عليّ ولا سيف إلّا ذو الفقّار.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*