قراءة أولية في إتفاق وقف إطلاق النار وفق القرار 1701 – د سمير دياب
- by منصة الراي
- December 5, 2024
- 0
- 315  Views
- 0 Shares
هروب نتنياهو من فشله في تحقيق أهدافه المعلنة في غزة، باتجاه فتح جبهة الحرب على لبنان لم تسفر بدورها أيضا سوى إلى تعميق فشله وأزمته الداخلية والدولية على كافة المستويات. اما انتصاره فقد تحقق في وحشية وقساوة حرب اإلبادة الجماعية و حجم التدمير والخراب في غزة ولبنان. والنتيجة بعد حرب الصمود والمواجهة في لبنان، إنخفض مستوى سقف مطالب نتنياهو من القضاء على المقاومة في لبنان وتدمير بنية حزب هللا و تأمين عودة آمنة للمستوطنين إلى مستعمرات الشمال.. إلى القبول بإتفاق وقف إطالق النار مع لبنان تحت سقف القرار الدولي رقم 1701 لعام 2006 دون زيادة أو تعديل. إتفاق وقف االعمال العدائية بين لبنان و” إسرائيل” بمثابة إتفاق الضرورة إلطرافه بما فيها االميركي، أو إتفاق الهدنة المؤقت . ً بعدها يتم تقييم عام من قبل لجنة المراقبة الدولية الخماسية برئاسة ال جنرال االميركي جاسبر جيفرز ليصبح االتفاق ساريا حسب ما تم التوقيع عليه. االتفاق استند إلى القرار الدولي 1701 الصادر عن مجلس االمن في عام 2006 . لذلك، لم يكن بحاجة لقرار جديد يصدر عن االمم المتحدة. بل، تم تفعيل القرار القديم مع تحديث الصياغات لبعض بنوده ة بشكل مطاطي من قبل االدارة االميركية ما يجعلها مفتوحة على تفسير ات قد تصعب مهمة آليات تنفيذ االتفاق. ال سيما مايتعلق في كيفية: – احترام 1701 بالكامل . – تقييد “إسرائيل” حول مفهوم حق الدفاع عن النفس حال وجود تهديد يلحق بها من المقاومة )مع مالحظة أن العدو االس ارئيلي يخرق ق ارر وقف إطالق النار عشرات المرات كل يوم( . – بيع وتو ريد االسلحة والمواد ذات الصلة. – االنسحاب إلى الحدود الدولية اللبنانية مع فلسطين المحتلة وفقا لقرار الهدنة لعام 1949 وليس للخط االزرق – في كيفية تحديد دور ومهام لجنة المراقبة الدولية ) لم تكن موجودة بالقرار 1701 السابق(. رغم كل هذه االشكاالت المطروحة، في النقاش ات مع المبعوث االميركي هوكشتين اثناء جوالته المكوكية. وغيرها من البنود، إال أن حاجة األطراف لوقف إطالق النار فتحت وفق حسابات كل طرف نافذة للموافقة على اإلتفاق – الهدنة – دون أن يعني ذلك إنهاء الحرب. بحيث إستطاع االميركي تدوير النقاط الخالفية بين الطرفين ومعالجتها وفق طريقته المعتادة بتقديم تعهدات للطرفين، بضمانته ومراقبته ورعايته.. ليخرج الدخان األبيض لإلتفاق في البيت األبيض عبر الرئيس المنتهية واليته بايدن بعد التشاور مع ماكرون عشية يوم 26 نوفمبر على أن يبدأ سريان مفعوله عن الساعة الرابعة من فجر 27 نوفمبر الماضي. أما في القراءة األولية لحاجة األطراف إلعالن اتفاق وقف إطالق النار، فإن الجانب االميركي الشريك في العدون على لبنان والوسيط والراعي للحل( فتبرز حاجة بايدن وإصراره على التوصل لتحقيق إنجاز ما في نهاية عهده. والتي تتقاطع مع رغبات ترامب المعلنة، قبل تسلمه في 20 كانون الثاني المقبل. ً من – فقدان أمل االميركي من إحراز قوات العدو اإلسرائيلي أي تقدم بري على الجبهة الشمالية بعد خمسين يوما المواجهة. رغم الدعم و الضوء األخضر االميركي، ورغم آلة القتل والدمار وسياسة األ رض المحروقة واآلف الغارات الجوية وعشرات االغتياالت التي طالت لبنان وشعبه ومقاومته. – القراءة اإلميركية لمآل تداعيات الحرب على لبنان داخل الكيان اإلسرائيلي، واالسراع في محاولة إنتشال نتنياهو من وحولها، بعد أن اثبتت المقاومة االسالمية تفوقها الميداني، و قدرتها على الصمود بقوة والمقاومة بشراسة وإفشال خطة نتنياهو في القضاء عليها. كما فشل المراهنة على تفتيت الداخل اللبناني. و سرعة المقاومة في استعادة التوزان في الميدان ومنع العدو من التقدم. عدا على أن اإلتفاق مع لبنان يعزز من فرص التوصل إلى إتفاق مماثل لوقف إطالق النار )ولو جزئي( مع المقاومة الفلسطينية في غزة بهدف فتح نافذة للعمل على إيجاد مخرجات للحرب العدوانية على غزة و اجراء عملية تبادل االسرى وإطالق الرهائن، و إدخال بعض المساعدات الغذائية والصحية إلى غزة المحاصرة. اما في جانب الكيان الصهيوني: فإن حاجة نتنياهو وقواته العسكرية لوقف إطالق النار تتجلى في ضرورة: – إلتقاط األنفاس بعد الفشل الذريع في إختراق دفاعات المقاومة االسالمية وبسالتها وثباتها في الميدان. – إعادة لملمة وضع قواته العسكرية المنهارة بعد إقالة وزير الدفاع غاالنت، واعالن جيش العدو عن إنتهاء مهامها في جبهة الشمال بإدعاء تحقيق األهداف المعلنة في لبنان. – ضمانة أميركية لتوريد االسلحة و تدعيم مخازن التسليح العسكري بعد إفراغ حموالتها القاتلة على غزة ولبنان عبر شن اآلف الغارات على لبنانن وعلى مواقع في سوريا. وفي التصدي لمئات صواريخ المقاومة اليومية عبر القبة الحديدية. – ترتيب وضعه السياسي واالجتماعي الداخلي بعد فشله الواضح في إعادة المستوطنين الى مستعمراتهم )رفض المس توطنين العودة بعد وقف إطالق النار إلى المستعمرات(، بعكس عودة النازحين اللبنانيين مع الدقائق االولى إلعالن وقف إطالق النار إلى منازلهم في قراهم ومدنهم. – إتساع دائرة نزوح المستوطنين وصوال إلى حيفا وتل أبيب، ولجوء الماليين إلى المالجئ جراء إطالق صواريخ المقاومة، بالرغم من فعالية القبب الحديدية األميركية. – إعطاء ضمانة أميركية لنتنياهو بمعالجة قرار المحكمة الجنائية الدولية )مذكرة التوقيف بحقه وحق وزير األمن المخلوع يوآف غاالنت ( والتملص من القرار)مع مالحظة تزامن هذا الوعد االميركي مع بدء محاكمة كريم خان حول سوء سلوكه جنسي – تحرش(. – التفرغ لجبهة غزة قبل أن تتفوق عليه المعارضة الصهيونية الداخلية التي تريد صفقة الرهائن من جهة، وعودة االستيطان إلى غزة، كما حاجة االميركي إلى حل الموضوع إلستغالل شواطئ غزة وفق مشروع أشمل اقتصادي وسياسي متعلق بمشروع الشرق االوسط الجديد. في جانب لبنان والمقاومة – تأثر المقاومة االسالمية بالضربات األمنية – االستخباراتية الصهيونية – االميركية التي أفقدتها اآلف الكوادر والقيادات العسكرية المجربة )البيجر – االتصاالت..( والضربة االكثر إيالما لحزب هللا تمثلت في إغتيال األمين العام للحزب السيد حسن نصرهللا ثم السيد هاشم صفي الدين وغيرهما من قيادات الحزب. – تأخر، وبرودة الرد اإليراني المنسق مع االميركي على العدو الصهيوني. – بروز قواسم مشتركة بين إيران وأميركا بعدم االنجرار إلى حرب إقليمية شاملة يسعى اليها نتنياهو. – حاجة المقاومة في لبنان إلتفاق وقف إطالق النار، بعد الجهود الجبارة والمالحم االسطورية في التصدي لجحافل العدو الصهيوني عند القرى الحدودية، وإفشال كل مخططات العدو وكل أدواته التكنولوجية الحربية االميركية في قدرته على الثبات في أي موقع في مواقع المواجهة المباشرة في الميدان. – التفاوض تحت النار، والضربات الموجعة، وأعداد النازحين الكبيرة، وحجم التدمير الصهيوني الفظيع، و محاوالت خلق إهتزازات داخلية طائفية، أو خلق حالة من اإلحباط الوطني بهدف تفتيت وحدة التالحم الوطني للصمود والمقاومة. كل هذه االمور، لم تفلح في تغيير الموقف الوطني اللبناني بشعبه ومقاومته من القبول بوقف إطالق النار مع العدو إال وفق القرار الدولي 1701 دون زيادة أو تعديل. وهذا أنجاز وطني للبنان وشعبه ومقاومته. صحيح، أن االتفاق وفق القرار الدولي 1701 دون تعديل، يشكل مدخالً لوقف العدوان الصهيوني على لبنان، وربما- يكون أفضل الممكن( لكن هذه المرحلة من الص ارع ضد هذا العدو أثبتت فعالية وأهمية الصمود والمقاومة في تحجيم العدو الصهيوني، وفي كسر أهدافه العدوانية واإلنتصار للبنان وفلسطين. إال أن المعركه مع هذا العدو طويلة، ولم تنته بعد. كما المعركة مع اإلمبريالية االميركية. على أساس االستفادة من التجارب الميدانية المحققة للمقاومة في لبنان وفلسطين، يجب العمل بجدية، وبروحية وطنية لالستمرار في هذه المقاومة وتجذيرها وتوسيع أطرها أكثر من خالل ” جبهة مقاومة وطنية عربية شاملة” في سياق مشروع لحركة التحرر الوطني العربية جذرية وثورية، حتى إنهاء االحتالل الصهيوني وتحرير فلسطين وضمان حق العودة واقامة الدولة الو طنية الديمقراطية وعاصمتها القدس. وتحرير مزارع شبعا وتالل كفرشوبا وقرية الغجر والجوالن السوري المحتل. و من المفيد والضروري بعد هذه المواجهة المشرفة للمقاومة للعدوان، أن تتم عملية تقييم وطنية شاملة لتحديد موجبات المرحلة القادمة ومهماتها. وعلى القوى اليسار ية وكافة القوى الوطنية والديمقراطية اللبنانية أن تتنبه لضرورة تحصين دور المقاومة الوطنية والعمل لتعزيز الوحدة الوطنية الداخلية، وخلق جبهة سياسية وطنية وشعبية ضاغطة لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية المقاومة. كأساس، في معركة التحرر الوطني ضد المشروع اإلمبريالي – الصهيوني وأهدافه التفتيتية في رسم معالم خارطة إستعمارية محدثة عن سايكس بيكو في الشرق االوسط الجديد. د. سمير دياب – لبنان 2024/12/4