كنيسة بئر يعقوب – نابلس – فوزي حنا
- by منصة الراي
- January 3, 2025
- 0
- 292  Views
- 0 Shares

تُنسَب البئر ليعقوب بن إسحق بن إبراهيم الذي ذكَرت التّوراة (التّكوين 33) أنّه نزل شكيم في أرض كنعان، وابتاع قطعة حقل ونصب فيها خيمته.
أمّا لماذا أقيمت الكنيسة، فذلك يعود لحكاية السّيّد المسيح (يوحنّا 4)، حين التقى امرأة سامريّة على هذه البئر، وطلب منها ماءً فاستغربت، كيف ليهودي أن يُكلّم سامريّة، وحين قال لها إنّه يملك ماء الحياة، عرفته، آمنت به وأخبرت قومها الذين جاءوا ليسمعوه وآمن به كثيرون.
أقيمت الكنيسة الأولى في القرن الرّابع في زمن هيلانه وقسطنطين، وكانت مساحتها 1075 مترًا مربّعًا، وجاءت نهايتها على يد السّامريّين في ثورتهم في القرن الخامس، حيث هدموها ونفّذوا مذبحةً بحقّ المسيحيّين وكهنتهم.
أمر الإمبراطور يوستنيانوس، في القرن السادس، بإعادة البناء، وظلّت الكنيسة حتّى هدمها الفاطميّون سنة 1009، وبقيت على خرابها حتى بناها الفرنجة من جديد سنة 1154، ولم تطُل سنواتها، فقد أمر الأيّوبيّون بهدمها بعد انتصارهم في معركة حطّين سنة 1187.
مرّت قرون على خرابها إلى زمن العثمانيّين، إذ اشترى المكان مطران غزّة الأرثوذكسي (صفرونيوس)، من السّلطات العثمانيّة، وسلّمه للبطريركيّة، فبدأ البناء من جديد، لكنّ نشوب الحرب العالميّة الأولى سنة 1914، أوقف العمل، وبعد انتهاء الحرب بسنوات استؤنف العمل، لكن زلزال 1927، أنهى وجود البناء من جديد.
ثمّ أخذ الكاهن اليوناني. فيلومينوس على عاتقه بناء الكنيسة من جديد، وظلّت دون اي اعتداء يُذكر في ظلّ الانتداب والمملكة الأردنيّة، لكن الاستفزازات والاعتداءات بدأت بعد احتلال إسرائيل سنة 1967، بدا الاستيطان وبدات اعتداءات المستوطنين المتديّنين الذين يدّعون ملكيّة الأرض التي اشتراها أحد آبائهم كما ذكرت التوراة، وكانت قمّة هذه الاعتداءات (سنة 1979) بضرب رأس الأب المُسِنّ فيلومينوس بالفأس، فقتلوه، ووضع جثمانه في قفص زجاجي، ما زال محفوظًا في الكنيسة.
بعد مقتله خلفه الأب يوستينيوس، وكان مهندسًا معماريًّا، رسّامًا ونحّاتًا، تقدّم للسّلطة الفلسطينيّة بطلب استكمال البناء والتّرميم والتّحسين، فرُفِض طلبه، لكنّ أعماله الخيريّة في المدينة وجوارها ومساعدته للفقراء، حتّى استحقّ لقب (أبو الفقراء)، وحين علم الرّئيس عرفات بأعماله قرّر منحه وسامًا رئاسيًُا، لكن الكاهن رفض، وكان جوابه إنّه لم يعمل سوى واجبه الإنساني، ومَن يعمل واجبه لا ينتظر اوسمة.
لكن الرّئيس عرفات اصرّ على تكريمه ومنحه الوسام والرّخصة التي كان قد طلبها للبناء والترميم.
بنى الاب المهندس الفنّان الكنيسة من جديد بحجارة بيوت كان الاحتلال قد هدمها، قائلًا (أنتم تهدمون ونحن نبني الحجارة من جديد).
بيديه بنى ورسم الإيقونات وصنع الشّبابيك الزّجاجيّة الملوّنة، واستمرّ عمله نحو عشر سنوات.
تقع الكنيسة على خطّ التّماس بين نابلس ومخيّم وتلّ بلاطه، وهي جميلة من الخارك والدّاخل، فيها إيقونسطاس جميل، وتحت هيكلها مغارة فيها البئر التّاريخيّة التي يبلغ عمقها 41 مترًا، وتغذّيها المياه الجوفيّة.