كنيسة البشارة الأرثوذكسيّة – النّاصرة – فوزي حنا
- by منصة الراي
- April 7, 2025
- 0
- 207  Views
- 0 Shares

البداية في القرن الميلاديّ الرّابع في زمن قسطنطين وهيلانه، حيث بُنِيت هنا واحدة من أوائل الكنائس في الأرض المقدّسة، هذا ما أكّدته التّنقيبات التي أشرفت عليها الدّكتورة مها دراوشه أبو ربيع، وراء الجدار الشّمالي للكنيسة.
في العام 614 م احتلّ الفرس بلادنا وهدموا كنائسها، ومنها هذه الكنيسة، تمّ ترميمها كغيرها بعد هزيمة الفرس في العام 629م ، ومع الزّمن تآكل البناء إلى أن جاء الفرنجة في مطلع القرن الثّاني عشر، وبنوها من جديد كما فعلوا في غيرها من الكنائس، ودعوها كنيسة الملاك جبرائيل، هذا الاسم الذي تبنّاه الفرنسيسكان عند تجديد بنائها في القرن السّابع عشر،في أيّام الأمير فخر الدّين المعني الثّاني وبإذن منه، بعد أن كان المماليك قد هدموها سنة 1263 م، بأمر قائدهم الظّاهر بيبرس.
تمّ البناء سنة 1628م، واستعملها الفرنسيسكان ثمّ شاركهم فيها الرّوم الأرثوذكس بعد وصول عائلات منهم إلى المدينة، وسرعان ما نشأ خلاف بين الطّائفتين التّي استمرّت إلى عهد الزّيادنة، إذ اشتكى الأرثوذكس لزعيمهم ظاهر العمر، وطالبوه بإعطائهم الحقّ المطلق في هذه الكنيسة، خاصّة أنّ الفرنسيسكان يملكون كنيسة أخرى فوق بيت العذراء.
ترأّس الوفد الذي قابل ظاهر الزّيداني مطران عكّا صفرونيوس والقنصل الإنچليزي جان پادينو وترجمان دير الرّوم في القدس الرّاهب حنانيّا، وكانت النّتيجة أن منحهم الزيداني فرمانًا يعطيهم الحق المطلق في هذه الكنيسة، فقاموا ببنائها من جديد تحت إشراف ومباركة الخوري خليف والخوري جريس معلوف وولده الخوري يوسف.
وقيل إنّهم طلبوا أن تكون مساحة الكنيسة (قدّ جلد ثور قَد )، وقيل جمل. استغربَ ووافق، وبعد حين جاءوا بجلد وقد (قدّوه) خيطًا رفيعًا، ليحيطوا به المساحة كلّها.
بدأ العمل سنة 1750 وانتهى سنة 1762.
في الكنيسة جدار الهيكل حامل الإيقونات ( إيقونسطاس ) من الخشب المزخرف، صُنِع في اليونان، بتبرّع سخيّ من رجل اسمه (أندرياس) من مدينة (ماليتوس)، وكان يتمنّى أن تطول أيّامه ليراه في الكنيسة، لكن أجله سبق، وناب عنه أولاده. طول الجدار 10 أمتار وارتفاعه متران ونصف.
من صحن الكنيسة درج يؤدّي إلى العين عبر قبو على النمط الفرنجي، ومن العين يمكن رؤية الدّرج المتّجه عبر نفق، شرقًا إلى خارج الكنيسة، وهو من البقايا القديمة جدًّا.
الكنيسة غنيّة بالإيقونات الملوّنة الجميلة والتي تحمل حكايات ورموز دينيّة.
وفوق العين إيقونة نادرة، يظهر فيها السّيّد المسيح إنسانًا كاملًا في أحشاء والدته عند البشارة.
بسبب الإيمان بأن العذراء مريم بُشِّرَت هنا، لتحمل بلا رجُل، آمَن الكثيرون بقدرة مياه هذه العين على الشّفاء من العُقم.
في داخل الكنيسة قبور آباء كان لهم الفضل في بنائها.
….
حكاية تاريخيّة ذات دلالة:
يُحكى أنّ ظاهر العمر الزّيداني مرّ من هنا سنة 1735 في طريقه لقتال جيش آل جرّار في منطقة عين المنسي قرب اللجّون، سجد وصلّى أمام هذا المكان المقدّس، وتوجّه للعذراء مريم بقوله:
( يا ابنة عمران، جعلتُ اتّكالي عليكِ بعد الله، فإن نصرتِني على أعدائي فلا أنسى لك هذه المكرمة إلى آخر أيّام حياتي، ويكون زيت قنديلك من عبدك).
وقيل إنّه سمع امرأةً تزادي زميلتها (يا نصره) فاستبشر بالنّصر.
خرج وانتصر على أعدائه، وعاد لِيَفي بوعده، فكان يرسل إلى كهنة الكنيسة قناطير زيت إلى آخر أيّامه، وأقطع للكنيسة كرميّ زيتون في كفر كنّا والمجيدل.