خان الشّونة (خربة الشّونة) – فوزي حنا

على شارع رقم 652 المتّجه من زخرون يعكوڤ (زمّارين) جنوبًا وبعد نحو 6 كم نجد لافتة تشير إلى اليمين مكتوب عليها (پارك جبوتنسكي)، هذا هو المكان. يفصل الشارع الرئيسي بين هذا المبنى وبين العيون والمدينة التي كانت قربها. هذا المكان أطلق عليه العرب اسم الشّونة ويعني مخزن الغلال، لهذا نرى أن الاسم منتشر في العديد من المناطق. أمّا الاسم الرّوماني الأصلي فغير معروف.هنا أقام الرّومان مسرحًا صغيرًا متواضعًا لا يتّسع لأكثر من ألف إنسان ممّا يدل على صغر المدينة.إضافةً للمسرح وُجدت أعمدة وكتابات تدلّ على وجود تماثيل لشخصيات مهمّة، منها الطّبيب المشهور (أسكلاپيوس) ممّا يزيد الاعتقاد بأن في المكان كانت حمّامات استشفائيّة، وما زالت آثارها موجودة. وبسبب وجود الينابيع أقيمت طقوس خاصّة بالماء أطلِق عليها اسم (مياميس) لهذا عُرِف المكان لاحقًا باسم (ميماس)، وهذا الاسم أيضًا يتكرّر في مناطق مختلفة. وهنا مرّت إحدى القنوات التي زوّدت مدينة قيسارية بالمياه.في الفترة البيزنطيّة تحوّل المسرح لمركز مزرعة ما زالت بقايا معاملها ومعاصر زيتونها وعنبها موجودة في الناحية الجنوبيّة.حوّل الفرنجة المسرح إلى قلعة وأضافوا برجًا في الزاوية الجنوبيّة الغربيّة.في الفترة العثمانية أقيم خان زراعي أقام فيه الفلّاحون الذين عملوا في الأراضي المجاورة، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر صارت المزرعة التي عُرِفَت باسم (الشّونة) مُلكًا لأحد الإقطاعيّين هو سليم الخوري، الذي كانت أملاكه شاملة مساحات واسعة عليها عدّة قرى في المنطقة.في العام 1913 باع الخوري أملاكه ل(إيكا) وهي منظمة استيطان يهوديّة، بتمويل عائلة روتشيلد، وكان نصيب فلّاحي الشّونة التّشرّد بالتدريج حيث استغنى القادمون الجدد عن خدماتهم.في فترة الانتداب البريطاني استعمل الخان مأوى للمهاجرين اليهود الذين أقاموا لاحقًا مستوطنة بنيامينه التي يخلِّد اسمُها البارون بنيامين روتشيلد.واستمر المكان في مهمّته هذه إلى أن اتّخذته منظمة (إيتسل) والتي يعني اسمها (المنظّمة العسكريّة القوميّة) مركزًا للتّدريبات العسكريّة وللانطلاق لعمليّاتهم التي من أشهرها اقتحام سجن عكّا في أيّار 1947 ، ومن هنا خرجوا لاحقًا لاحتلال وتهجير قرى المنطقة مثل أم الشّوف والسّنديانة وصبّارين. في زيارتنا للموقع نرى الخان الذي حافظ على أجزاء أصليّة رومانيّة مثل مسطبة الأوركسترا (وهي الساحة نصف الدائرية بين المدرّج والمنصّة) وجدار المنصّة المحاذي للأوركسترا وإلى الشرق من المسرح بركة سباحة كبيرة مرصوفة بالفسيفساء تحوّلت إلى حديقة تماثيل، تصبّ فيها قناة من زاويتها الجنوبية الغربية.وفي الجنوب من المسرح آثار المنطقة الصناعية البيزنطيّة.في المسرح تقام عروض واحتفالات أحيانًا.

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*