ميسلون – إسكندر عمل

في الرّابع والعشرين من تمّوز عام 1920 استبسل السّوريّون في الدّفاع عن وطنهم في مواجهة مؤامرتي سايكس بيكو وسان ريمو، مدافعين عن الدّولة السّوريّة المستقلّة الّتي أعلنها فيصل ابن الشّريف حسين، ورافضين للاستعمار الفرنسي الجديد الّذي فُرِض عليهم بثوب جديد هو الانتداب. فرغم قرار المؤتمر السّوري في الثّامن من آذار عام 1920 تنصيب الأمير فيصل ملكا دستوريّا على سوريا ، وإعلان استقلال سوريا بحدودها الطّبيعيّة استقلالا تامّا، قامت الدّول الاستعماريّة في مؤتمر سان ريمو في 24 نيسان 1920 بفرض الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان والبريطاني على العراق، فلسطين وشرق الأردن وذلك تطبيقا لمعاهدة سايكس بيكو 1916 .
تلقّى الشّعب السّوري قرار الانتداب بغضب شديد، فاشتعلت المظاهرات في جميع أنحاء البلاد، واستقالت الحكومة وتألّفت ” الوزارة الدّفاعيّة” للدّفاع عن استقلال البلاد.
في الرّابع عشر من تمّوز أرسل المندوب السّامي الفرنسي الإنذار الرّسمي الفرنسي للملك فيصل(نلاحظ أنّ فرنسا سلّمت الإنذار في ذكرى الثّورة الفرنسيّة الّتي يتباهى بها الفرنسيّون أنّها كانت مصدر الحرّيّات في العالم كلّه)الّذي ينص على قبول سوريا للانتداب الفرنسي دون قيد أو شرط، وكانت مدّة الإنذار أربعة أيّام تبدأ من منتصف ليل 15 تمّوز وتنتهي في 17 تموّز السّاعة الثّانية عشرة ليلاً.
بعد الإنذار قامت الحكومة السّوريّة برئاسة هاشم الأتاسي باتّخاذ تدابير كالإعلان عن الأحكام العرفيّة، وتعيين الأمير زيد قائدا عاما وتعيين قادة للجبهات، ووصل مجموع القوّات السّوريّة في منتصف تمّوز ثمانية آلاف جندي يملكون 15 ألف بندقيّة و 54 مدفعا، وقد أشرف على التّدابير العسكريّة وزير الحربيّة يوسف العظمة.
بعد مشاورات مع أللنبي ووعود منه قرّرت الحكومة السّوريّة والملك فيصل قبول الإنذار في الثّامن عشر من تمّوز، وفي التّاسع عشر من تمّوز سرّحت الحكومة السّوريّة الجيش. وكان من المفروض أن يتوقّف الجيش الفرنسي عن الزّحف، لكنّ القوّات الفرنسيّة استمرّت في الزّحف نحو دمشق، فعلم فيصل أنّه كان مخدوعا فقرّر استنفار ما يمكن استنفاره من جنود، ودعوة الشّعب للاستبسال في الدّفاع عن الوطن، وفي الثّالث والعشرين من تمّوز وجّه يوسف العظمة إلى ميسلون لملاقاة الجيش الفرنسي، ولم يبق من الجيش بعد قرار التّسريح في 17 تمّوز سوى عشرات، لكن في ليل 23 ونتيجة لتوافد المتطوّعين وصل العدد إلى ثلاثة آلاف جندي. وفي فجر 24 تمّوز بدأت المدفعيّة الفرنسيّة قصف المواقع السّوريّة، واشتركت عشر طّائرات وعدد من الدّبّابات، وكان القتال عنيفا ووصل عدد شّهداء القوّات العربيّة ثمانيمائة شهيد على رأسهم البطل يوسف العظمة وخسائر الفرنسيّين ثلاثمائة جندي.
إنّ موقعة ميسلون رغم انتصار الفرنسيّين تعتير أوّل مواجهة جريئة ضد الاستعمار الفرنسي، وقد أثبتت للفرنسيّين منذ اليوم الأول أنّ الشّعب السّوري لن يكون متخاذلا وسيقاوم الاحتلال بكل قوّة. وكانت بداية التمرّد العنيف على التّواجد الفرنسي في سوريا، هذا التّمرّد الّذي لم يتوفّف أبدا، فانفجرت الثّورة العربيّة بقيادة سلطان باشا الأطرش عام 1925 بعد ثورات هنانو وصالح العلي ولم يهدأ السّوريّون حتّى نيل الاستقلال عام 1946 .
فصباح الخير لابنتي الغالية ميسلون ولكل ميسلون ولثرى ميسلون الشّام ولكلّ وطنيّ وقوميّ رافض لسايكس بيكو جديدة تهدف الى تقسيم وطننا العربي الى طوائف ودويلات .

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*