متى نوقف العنف وأعمال القتل؟ – زياد شليوط

يعود السؤال المثبت في عنوان هذا المقال، يلح علينا عند كل جريمة أو حادثة عنف جديدة. ومع كل حادثة نعود الى المحاورات الاذاعية والتحليلات الصحفية ويكثر الكلام ويتكرر في أكثر الحالات. فهل هناك فائدة ترجى بعد من الكلام وتدبيج المقالات وكتابة الشعارات بل وتنظيم التظاهرات؟ سبق وأشرت أنه لم يعد من مكان للكلام، لكن هل نيأس، هل نستسلم.. معظم العقلاء يعارضون هذا الطرح. بالطبع ليس المقصود رفع الراية البيضاء أمام الدم الأحمر المسفوك في مجتمعنا عبثا. فمتى نوقف العنف وأعمال القتل اذا؟
عندما يتصدى الأهل لأخلاقيات أولادهم ويضعونهم أمام المرآة، ويبينون لهم بكل شجاعة مدى الاعوجاج الذي لحق بهم وكيفية السير باستقامة.
يمكن ذلك عندما نحسن تربية أبنائنا على الأخلاق الحميدة واحترام الآخر وخاصة من يكبرهم سنا، وسماع أقوالهم وتوجيهاتهم وعدم الرد عليهم بوقاحة وقلة حياء.
عندما نعوّد أولادنا على احترام المعلمين والمعلمات وعدم التمادي عليهم والاعتداء عليهم أو على سياراتهم وسرقة حاجياتهم، والسلوك باحترام داخل الصف وخارجه، وعدم الاستخفاف بالمعلم في الشارع العام وأمام الناس والأقارب، والتكلم عنه باحترام وكياسة في المجالس العامة.
عندمنا نمتنع عن شراء الألعاب لأطفالنا من مسدسات وبنادق ورشاشات في الأعياد والمناسبات، بحيث لا يعتاد الأبناء على حمل السلاح واشهاره في أي وقت والتدرب على “اطلاق النار” بين البيوت وعلى الأشخاص، فما يبدأ بالدلع سينتهي بالولع ومن يلعب بالنار لا بد وأن يحرق أصابعه، ومن يبتسم لابنه الصغير على أخطائه سيجد النتيجة عندما يكبر ابنه ويخرج عن طوع أبيه.
عندما يكف الأهل عن ملاعبة الولد وتعليمه المسبات والشتائم والألفاظ البذيئة، بحجة صغر السن واللفظ المضحك بتشويه الكلمات (والبعض يتباهى اليوم بنشر التسجيلات في الواتس اب). وعندما نكف عن الضحك أمام الولد كلما نطق بكلمة بذيئة أو شتيمة، وعندما نكف عن تشجيع الولد على اطلاق المسبات نحو عمه أو خاله أو والدته حتى، لئلا يتعود من شتمها واهانتها أمام القريب والغريب عندما يشب وينمو.
عندما نعود أنفسنا على احترام بعضنا البعض، احترام خصوصية كل شخص، الاستماع لبعضنا البعض في المجالس ووسائل الاتصال، احترام الرأي الآخر وعدم الاستخفاف به، عدم إهانة الآخر سواء كان خصمنا أم حليفنا.
عندما نحذف من قاموسنا كل الشتائم والتعابير المسيئة للآخر، ونمتنع عن ترداد الأهازيج والأغاني التي تشجع على العنف والقتال في أعراسنا، وتبتعد محطاتنا التفلزيونية عن بث الأفلام العنيفة القادمة من عالم الاجرام، أو بث البرامج الحوارية الصدامية القتالية.
عندما نطبق الشعارات والأقوال التي نرددها على أرض الواقع، ولا نكتفي بالتغني بها دون فهم معانيها ومدلولاتها الإنسانية والأخلاقية.
عندما نعلم أن العائلة رباط للألفة والتعاون والمحبة وليس للعدوان والانتقام وفرض الهيمنة.
عندما نذوت في قلوبنا وتفكيرنا فعلا أن الدين فوق وأهم من الطائفة.
عندما نوقن أن التسامح والمصافحة والغفران أقوى من التهديد والمقاطعة والضغينة.
عندما نعود لقراءة كتاب بدل أن نعقد جلسة اغتياب ونميمة.
عندما نؤمن أن حمل الورود أفضل من حمل السلاح.
(شفاعمرو/ الجليل)

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*