توظيف الأسطورة والنص التراثي عند درويش: أيام الحب السبعة نموذجًا – د. نبيل طنوس

 

يقول الشاعر عبد الوهاب البياتي(1993): لقد حاولت أن أوفق بين ما يموت، وما لا يموت، بين المتناهي واللامتناهي، بين الحاضر وتجاوز الحاضر، وتَطَلّب هذا مني معاناة طويلة في البحث عن الأقنعة الفنية، ولقد وجدت هذه الأقنعة في التاريخ والرمز والأسطورة. (تجربتي الشعرية)

مقدمة:

قصيدة “أيام الحب السبعة” هكذا اسمها وهو عتبة وصفيةوإيحائية. القصيدة مكونة من سبعة مقاطعَ لها سبعةُ أسماء تشكِّلُ عتباتٍ لها وهذه العتبات تقوم بدور إغوائي لجذب المتلقي. عتبات النصوص فيها إشارات إلى أسطورة، قصة تراثية، طبيعة، حالة حب وغيرها. يستعمل الشاعر أساليبَ عديدةً مثل الرموز والقناع تعود إلى العالم الأسطوري أو الديني وغيرها. سنحاولفي هذه المقالة مواجهة النصوص، وهو أمر في غاية الصعوبة،فربما نستطيعُ توضيحها، محاولين فهم العتبات والبحث عن علاقتها بالمتن. هذا يتطلب منا عرضًا وتقديمَ معلوماتٍ لتضيءَبعض الاصطلاحات، مثلا ما هي العنقاء؟ ما هو الموشح؟ ما هو مقام النهوند؟ ماهي النرجسة؟ لماذا ليست نرجس؟ ما هو القصد في تزاوج الحمام؟ هل يعود إلى أسطورة معينة أو قصة تراثية معينة؟ التكوين، ما هو؟ لماذا شتاءٌ آخرُ؟ الخ.

مدخل:

توظيف الأساطير والرّموز الدّينيَّة والقصص التّراثية من الديانات والعقائد المختلفة من القدم هي ظاهرة بارزة في الشّعر الحديث بكل اشكاله: حر، تفعيلة، نثري وغيرها.  نجد في الكثير  من القصائد قصصًا دينية، أساطيرَ أو شخصيّاتٍ ، وأمثلة على ذلك في الشّعر العربي الحديث: الإله تمّوز، بعل، أنات، الفينيق ، طائر العنقاء، السيد المسيح ، أيّوب وغيرها،  ووظيفتها تكمن في رموزها،  فتموز هو رمز أسطوريّ قديم للبعث ولتجدُّد الحياة والطّبيعة عبر الموت، والسيد المسيح يرمز إلى الخلاص ومثله نوح. هذا الاسلوب يتطلّبُ من المتلقي أن يكون على معرفة بهذه الرموز والأساطير والقصص ليكتشفَ كيفيَّة اندماجها في القصيدة والدور الذي تلعبها. أكتفي بمثال واحد، وهو خير مثال، عند بدر شاكر السياب في قصيدته المطولة “أيوب” إذ يستعملها كقناع للتعبير بواسطته عن حالته هو، يصور الشاعر من خلال قِناعه المرض الذي أصاب أيوب وما يتبعه من ألم، فالقناع يُعتبر وسيطا يفسح المجال للشاعر للتفكير الارتدادي-التأملي (الرفلكتيفي) ومن خلاله يعبر عن ذاته، وكما يقول كاصد (2016) قصيدة قناع (Mask Poem) هي وسيلة فنية لجأ إليها الشعراء للتعبير عن تجاربهم بصورة غير مباشرة. فِي الشعر العربي المعاصر شاع استخدامه منذ ستينيات القرن العشرين بتأثير الشعر الغربي وتقنياته المستحدثة للتخفيف من حدة الغنائية، والمباشرة في الشعر، وذلك للحديث من خلال شخصية تراثية، عن تجربة معاصرة، بضمير المتكلم. وهكذا يندمج في القصيدة صوتان: صوت الشاعر، من خلال صوت الشخصية التي يعبر الشاعر من خلالها عن حالته.  

توظيف الأسطوره والرّموز في شعر محمود درويش:

في نظرةً سريعة إلى شعر محمود درويش نجد مضامين تدورُ حول واقع أليم فيعود إلى الأساطير والقصص الدينية والرموز  من الماضي لخلق حالة فيها أَملَ وتفاؤل، وللتعبير عن ذلك يستعمل أدواتٍ مثل المعادل الموضوعي (Objective Correlative) وهو أداة رمزية يستخدمها الشاعر للتعبير عنأحاسيسه، وفي هذا الأسلوب يتعامل الشاعر مع أحاسيسه بشكل موضوعي محاولا التمييز بينه (أنا الشاعر) وبين الشخصية الفنية (الأنا الفنية) التي يستعملها للتعبير، وأصبح يتحدث من وراء قناع وهكذا نتجت قصيدة قناع، مثلا في قصيدته “رحلة المتنبي إلى مصر” في كتابه “حصار لمدائح البحر” (1984) يستخدم قناع المتنبي. ويستخدم قناع أوديب فيقصيدته “أوديب” في كتابه “هي أغنية … هي أغنية” (1986) ويستخدم قناع يوسف في قصيدته “أنا يوسف يا أبي” في كتابهورد أقل” (1986) وهنالك الكثير.

نجد رُموزًا مسيحيَّة عديدة في شعره، والرمز الأهم هو: يسوع المسيح ، والذي يرمز إلى التضحية من أجل خلاص البشرية وعند الشاعر يرمز إلى التضحية من أجل خلاص شعبه وبلاده، أو قصة قيامته التي ترمز إلى البعث من جديد، أو الصَّلب الذي يرمز إلى المعاناة ودرب الآلام الطّويلة وهي حالات تشير إلى معاناة الشعب الفلسطيني فيقول درويش في قصيدة “عن الصُّمود”(أوراق الزيتون، 1964) :

إنّا سَنَقلعُ بالرُّموشِ

الشَّوكَ والأحزانَ ...قَلعا !

وإِلامَ نَحمِلُ عارَنا وصليبَنا ؟

وفي قصيدة “رُباعيّات” (أوراق الزيتون، 1964)  يقول :

“وطني! لم يُعطِني حُبّي لكَ

غَيرَ أخشاب صليبي

وفي قصيدة “شهيد الأغنية” في كتاب “عاشق من فلسطين”، (1966) تَبرزُ الرُّموزُ المسيحية بشكل كبير فنجد التعابير:الصليب، السلسلة، السوط، أمام عرشي،  إكليل شوك، العطش،  إكليل غار، وكلُّها رموزٌ مسيحية ترمز إلى رفض الخضوع وإلى الأمل في الخلاص المتمثل في تحوّلِ صليبِهِ إلى “صهوة” ينطلق فيها متحررا ، وليتبدَّل “إكليلُ الشَّوك” الذي يرمز إلى الألم والعذاب  إلى “إكليل غار” الذي  يرمز إلى النصر.

نجد رموزًا من التوراة، مثلا : في قصيدة “حجر كنعاني في البرح الميت” في كتاب ” أحد عشر كوكبا” (1992) يقول” وأتْرُك أَريحَا تحْت نَخلتها، ولا تَسْرقْ منامِي/ وَحليبَ امرأتي، وقُوتَ النَّمْل في جُرْحِ الرُّخامِ”، وهو تعبير رمزي يُستخدم للإشارة إلى السلام الخاص والسعادة في المكان وسكانه، وهذا تناص مع ” يَجْلِسُونَ كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ” (سفر ميخا في الغهدالقديم 4:4). ويصل الشاعر إلى العتاب شديد اللهجة للمحتل:

أأتيْتَ ثُمَّ قَتَلْتَ ثُمَّ وَرِثْتَ: وهي تناص مع: “هَلْ قَتَلْتَ وَوَرِثْتَ أَيْضًا؟” (في سفر الملوك الأول 21، 19).

نجد رموزًا كنعانية مثل الإلهة أنات في قصيدة “حجر كنعاني في البحر الميت” إذ يقول: “يا أبي، كَمْ مَرَّةً سَأَموتُ فوْقَ فِراش امْرَأَةِ الأَساطيرِ الَّتي تَختَارُهَا “آناثُ” لي، فَتَشُبُّ نارٌ في الْغَمامِ  كَمْ مَرَّةً سَأَموتُ في نَعْناعِ أَحْواضي القَديمَةِ كُلَّمَا  فَرَكَتْهُ رِيحُ شَمالِكَ الْعالي رَسائِلَ من يمامِ؟”  يجعل الشاعر من هذه الإلهة الكنعانية آناثُ الشخصية الأسطورية التي تستدعيها أحداث القصيدة، هو يستدعيها كي لا تطيل الغياب ويأتي “أحْفادِ لُوطَ” وسَيِّدٌ يَتْلُو شَرائِعَهَ عليهم، ولا يَرى لِسَدومَ مَغْفِرَةً سِوَايْ، هذا غِيابي سَيِّدٌ يَتْلو شَرائِعَهُ ويَسْخَرُ من رُؤايْ”

أيام الحب السبعة”:

أيام الحب السبعة” هي القصيدة التي تُنهي الفصل الخامسوقبل الأخير “مطر فوق برج الكنيسة” من كتاب “لماذا تركت الحصان وحيدا” (1995). يحتوي هذا الفصل على خمسِقصائدَ عشقٍ كتهاليل للحب المقدس، هذا الحب الذي يقع بين طرفين: القداسة والإيروسية وهما قطبان للعلاقات بين العشيقين: الحبيب وحبيبته، الوطن والمواطن، المؤمن والغاية (المؤمن والله، المؤمن والبوذا، المؤمن والطبيعة والمؤمن وأي غاية Object))، وهكذا نفسر شعر العشق الإلهي عند المتصوفين. يضع الشاعر هذا الحب في إطار يسميه “برج الكنيسة”. العلاقة بين هذين الطرفين مطاطية فيها اقتراب لتشعر بجسدية الحب وفيها ابتعاد لتشعر بروحانيته وفي الحقيقة هما طرفان مكملان لبعضهما.

تبرز القداسة في بعض التعابير، ففي قصيدة “هيلين، يا له من مطر” يقول: “يا له من حنين…حنين السماء….أيقونات الكنائس..” وفي قصيدة “ليل يفيض من الجسد” يقول :“إن كنت حقا حبيبي، فألف نشيد أناشيد لي...قولي له، لابن مريموفي قصيدة “للغجرية، سماء مدربة” نجد التعابير :سماء، أيقونة، ملائكة، الأبدية”.

والإيروسية تبرز كثيرا في هذا الفصل مما يذكرنا بقصيدة “درس من كاما سوطرا” في كتاب “سرير الغريبة” (1999) فنجد مثلا في قصيدة “هيلين، يا له من مطر” التعابير: أُنثى كهيلين، ينقصني نرجس كي أُحدِّقَ في الماء، مائك، في جسدي…ماء أحلامنا”، وفي قصيدة “ليل يفيض من الجسد” وهي قصيدة مفعمة بالتعابير الإيروسية، مثل :عينين لوزيتين، منفاك فيَّ،جسدا ساخنا، هكذا يترك العاشقان الغريبان حبهما فوضويا، يتركان ثيابهما الداخلية، لا تكن معتما بعد نهديَّ، نهداك ليل يضيء الضروري، نهداك ليل يقبلني….” وفي قصيدة “للغجرية، سماء مدربة” نجد مثلا :ثريات صدرك…نعلو ونرقص حتى مغيب الغروب المدمى على قدميك”.

في شعر الشاعر بشكل عام وفي هذا الكتاب “لماذا تركت الحصان وحيدا؟ بشكل خاص يتحدث عن تجربته/سيرته الشخصية التي تعطي صورة عن التجربة/السيرة الجماعية، ففيها استعادة للذاكرة المؤلمة منذ الخروج من فلسطين في 1948 وبداية فترة البعثرة والعيش في مخيمات اللاجئين، ويبرز هذا بشكل كبير في قصيدة “أبدُ الصُّبَّار” وهي القصيدة التي سمي الكتاب باسم جملة فيها. وردت هذه القصيدة في الفصل الأول  “أيقونات من بلّور المكان” والذي سبقته قصيدة منفردة “أرى شبحي من بعيد” وكأنها شعار  Motto) ) للكتاب بأكمله.قصائدُ هذا الفصل هي قصائدُ ذاتية تعبر عن حالة ذاتجماعية، سأتطرق إلى مقاطعها بالترتيب بداية بالعنوان:

عنوان القصيدة:

أيام الحب السبعة” اسم يقف على رأس القصيدة وهو إحدى العتبات الهامة التي تشكل مدخلا لها، ويدل عادة على موضوعهاويعلن عن محتواها. نعتقد أن العنوان ذو دلالات وعلامات ترمز للنص أو لجزء منه، لهذا يطرح الدارس على نفسه الكثير من التساؤلات تجاه العنوان، مثل: هل العنوان مفتاح النص؟  هل هو مأخوذ من المادة النصية ؟ هل جاء صُدفة من المؤلف؟ ما نوع الدلالات التي يحملها العنوان؟ كيف تتم عملية تأويله؟ ممَّ يتكون؟ أهو جملة اسمية أم فعلية؟ أهو عنوان بارز على الصفحـة؟(طنوس، 2017).نعتقد أن عنوان القصيدة هو عنوان وصفي وإيحائي معا (حسب تصنيفات جيرار جينيت، كما جاء عند عزام، 2017). وتقول فحماوي (2013): “العنوان للكتاب كالاسم للشّيء. به يعرف وبفضله يُتداول ويشار به إليه ويدلّ به عليه” ومن البديهي أن يكون أمر اختياره من قبل المؤلف. من الجدير ذكره أن محمود درويش كان يضع عناوين قصائده بعد كتابة القصيدة، ويقول (2004ب)عن ذلك: “لم يسبق لي أن سبق أي عنوان أي قصيدة“.

يحتوي اسم القصيدة على التعبير “أيام الحب” مضاف ومضاف إليه مُعرف وعلى التعبير “السبعة” وهو عدد معرف ايضا ويعود على المضاف، كلمة “أيام”. والتعريف يحوِّل الاسممن نكرة إلى معرفة، وكلمة حب تصف وتحدد نوعية الايام. في هذا الاسم يوجد تلميح (Allusion) مضاد لما هو متوقع، وهو عبارة عن أو إشارة إلى  آية أو قول أو بيت من الشعر أو حادثة أو قصة معروفة كالتعريض بكلمة أو عبارة لها معنى بعيد، أي نحن نتوقع في العادة أيام الأسبوع السبعة. الضدِّية في أن الحب موجود في سبعة ايام أي هو حالة متكاملة وشمولية  وبدون انقطاع وتوقف أما في العادة فقد خلق الله الكون في ستة أيام وفي اليوم السابع، بعد أن أكمل الله عملهِ من خلق الكون، استراح في هذا اليوم وباركهُ وقدسهُ، حسب التوراة: “وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا(سفر التكوين، إصحاح 1) . و” وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ(سفر التكوين، إصحاح 2،2).

وفي القرآن خلق الله الكون في ستة أيام في كثير من الآيات ، منها: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ(سورة قّ:38). وأيضا: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ“(هود:7).

الأيام الستة كانت أيام عمل وجهد مما يتطلب يوما للراحة في اليوم السابع وربما هذا مجازٌ لضرورة الراحة للإنسان، أما الحب فلا يوجد فيه توقف ولا انقطاع وهو شعور بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما، أو شيء ما، وهو تفاعلٌ حسيٌّ وميلٌبين اثنين ولا توجد عليه سيطرة ولذلك أيام الحب في القصيدة هي سبعة أي أسبوعٌ كاملٌ.

تحتوي القصيدة على سبعة مقاطع (Strophe) ولكل مقطع اسم يميزه كعتبة له، تشير إلى أسطورة أو قصة تراثية أو حالة تاريخية يوظفها الشاعر لعرض متن القصيدة:

1. العنقاء: أُسطورة الخلود.
2. نرجسة: قصة شعبية.
3. تكوين: قصة خلق الكون.
4. شتاء آخر: حالة طبيعية.
5. تزاوج الحمام: أسطورة سومرية.
6. مقام النهوند: حالة حب.
7. موشح: قصة حنين إلى الماضي.

1. الثلاثاء: عنقاء

يكفي مُرورُكِ بالألفاظ كي تَجدَ

العنقاءُ صُورَتَها فينا، وكي تَلِدَ

الروحُ التي وُلدتْ من روحها جسدا…

لا بُدَّ من جسدٍ للروح تُحْرِقُهُ

بنفسها ولها، لا بُدَّ من جسدٍ

لتُظّهرَ الروحُ ما أخفتّ من الأبدِ

فلنحترق، لا لشيءٍ، بل لنتحدا!

العنقاء/الفينيق/ Phoenix :

العنقاء طائر أسطوري، وتقول الأسطورة إن هذا الطائر يعيش ألف عام  وفي نهاية حياته يجثم على عشه في هدوء عاجزًا عن الحركة، ويصدر منه صوتٌ منخفض وحزين، وحينها يحترق جسده بشكلٍ كامل، فتنبعث من بين رماده يرقة صغيرة تزحف إلى أقرب بقعة يبزغ فيها الظل فتنبعث عنقاء أخرى.

يسمى هذا الطائر بالعبرية “حول” ولم يعاقبه الله بالموت لأنه لم يأكل من “شجرة المعرفة” في الجنة ومنحه حياة أبدية يعيش ألف عام ثم يعود إلى صباه. أما حسب الحكيم راشي (الراب شلومو يتسحاكي) والذي يعتبر كبير الحكماء في التفسير يقول أنه حظي بحياة أبدية لأن نوح باركه كمنحة له لأنه لم يطلب من نوح الغذاء في السفينة لأنه رأى نوحَ مشغولا بإطعام باقي الحيوانات.

أطلق الموسيقار سترافنسكي الروسي (1882-1972) اسم طائر النار FireBird على أحد أعماله السيمفونية مشيرا بذلك إلى العنقاء.

استخدم محمود درويش العنقاء كرمزٍ الصمود والقيام من رماد الموت، وظهر ذلك جليا في قصيدته (مديح الظل العالي) والتي نشرت في 1982، وغيرها من القصائد.

“خُذْ بقاياكَ, اتخذني ساعداً في حضرة الأطلالِ . خُذْ قاموسَ

ناري

وانتصرْ“…….

وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيةٍ ……

فاظهرْ مثل عنقاء الرماد من الدمارِ !” (مديح الطل العالي).

وفي قصيدة “مصرع العنقاء” التي تمثّل وجهاً آخر للتجدّد والانتصار على الموت .. يقول :

درّبني على الناي , واحرقني لكي أُولَدَ

كالعنقاء من ناري وناركْ ! “(مصرع العنقاء في ديوان “لماذا تركت الحصان وحيدا”)

فكرة صمود الشعب الفلسطيني وانبعاثه وردت أيضا، على سبيل المثال وليس حصرا  في قصيدة “حجر كنعاني في البخر الميت” إذ يقول “ والبحر ينزل تحت سطح البحر كي تطفو عظامي شجرا”،  بعد النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني، يتنبأ الشاعر بأنه سوف ينزل البحر (الميت) تحت سطح البحر (الأبيض المتوسط)  وتطفو العظام شجرا، أي سوف تنكشف جليا كل الحقائق حول القضية الفلسطينية ويُبعث الشعب الفلسطيني من جديد، فالشجر يرمز إلى الحياة (طنوس،2018).

ويقول الشاعر في هذا المقطع: يكفينا تذكر بعض التعابير لنرى العنقاء في داخلنا وكيف تنهض من آلامها و” لتُظّهرَ الروحُ ما أخفتّ من الأبدِ فلنحترق، لا لشيءٍ، بل لنتحدا!” فلنحترق ويقصد بها كل التضحيات ستؤدي إلى الاتحاد والقيامة من جديد.

لماذا ابتدأ الشاعر قصيدته في يوم الثلاثاء؟

يبتدئ الشاعر قصيدته في يوم الثلاثاء ربما ليخرج عن المألوف ويطلق صرخة ضده، وكأنه يقول: أُنادي بالحب الدائم كل الوقت وأعارض كل الموازين المألوفة التي تمنع الحب وها أنا أبدأ قصيدتي بشكل حر وغير معهود أي بيوم الثلاثاء، وربما ابتدأ بهذا اليوم لأن الحب يأتي بشكل مفاجئ وليس شرطا أن يبدأ باليوم الأول في الأسبوع كما يبدأ العمل. العمل هو شيء مخطط ومنظم أما الحب فهو ليس كذلك. وربما، أُخمن، أنه بعد إتمام الخلق في الأيام الاول، الثاني، الرابع، الخامس، السادس قال الله: “ وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ” أما في اليوم الثالث فقال الله هذه الجملة مرتين، ولذلك يعتبر هذا اليوم في التقاليد اليهودية يوما مميزا وفيه حظ سعيد وتجري  فيه غالبا الأعراس تيمنا بالحظ السعيد وفي البوذية التبتيه هو يوم راحة. وتيمنا بالحظ السعيد وبيوم الراحة في التبت أبتدأ الشاعر قصيدته في هذا اليوم.

من الجدير ذكره أنه في اليوم الثالث، قَالَ اللهُ:لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ. وَكَانَ كَذلِكَ” (سفر التكوين، 1:9) وهكذا تخرج الأرض من تحت الماء كالعنقاء وبدأت تنتج عشبًا وأشجار مع ما تنتجه من ثمار.

2. الأربعاء: نرجسة

خمسٌ وعشرون أُنثى عُمْرُها. وُلدتْ

كما تريدُ… وتمشي حول صُورَتها

كأنها غيرُها في الماء: ينقُصُني

ليلٌ لأركض في نَفْسي. وينقُصُني

حُبٌّ لأَقفز فوق البرج… وابتعَدَتْ

عن ظلِّها، ليمُرَّ البرقُ بينهما

كما يمرُّ غريبٌ في قصيدتِهِ

زهرة النرجس هي الزهرة التي ارتبط اسمها بأُسطورة يونانية قديمة حول أمير يُدعي نرسيس، كان معجباً بنفسه وجماله  بشكل جنوني، بينما كان يتردَّدُ على إحدى البحيرات ويجلس ناظرًا إلى وجهه المُنعكسِ على سطح الماء معتزًا بجماله ، وإذا به وهو جالسٌ ينظر إلى نفسه بماء البحيرة يقع بها منُزلقاً بقدمه فيغرق، لاحظ أصدقاؤهُ بعد موته نموَّ زهرةٍ جميلةٍ بألوانها في الربيع حول البحيرة، فأطلقوا عليها اسم أميرهم نرسيسلجمالها الأخاذ. تعني النرجسية في علم النفس ظاهرة إعجاب الشخص وغروره بجماله وحسنه ومفاتنه بشكل كبير. الموطن الأصلي للنرجس أواسط آسيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، ونقله الإنسان إلى أماكن أُخرى في العالم. وجاء في الموسوعة الحرة (الويكيبيديا) أن النرجس نبات يقتل أعداءَه، فهو يقتل أي نبات ينمو بجواره. يقال أن زهرة النرجس جيدة لعلاج الاكتئاب، ومما كتبه ووردزورث أن مجرد التفكير في هذه الزهور يجعل “قلبي بالسعادة يمتلئ في قصيدة  I wandered lonely as a cloud:

What wealth the show to me had brought:

For oft, when on my couch I lie

In vacant or in pensive mood,

They flash upon that inward eye

Which is the bliss of solitude;

And then my heart with pleasure fills,

And dances with the daffodils.

قصيدة كنتُ في دَربي وَحيداً هائماً مثل السحابْ

أنَّ في المشهدِ إثراءً لفكري والخيالِ

فَتَراني حِينَ أستلقي مِراراً في سَريري

شاردَ النظرةِ أو أسبحُ في بَحْرِ الفِكَرْ،

تَتَراءى في خَيالي كلَّ هاتيكَ الزهورِ.

تلكَ عندي نعمةُ الخَلوةِ في أجلى الصُّوَرْ؛

عندها تسري بقلبي فرحةُ المستأنسِ

فيباري في فنونِ الرّقصِ زهرَ النَّرجسِ

في هذا المقطع ينظر الشاعر إلى زهور النرجس فتمنحه الشعوربالمتعة والسعادة. وهذاما يقوله في المقطع الأخير حيث يبين أنَّ هذا المشهد ما هو إلا ذكرى أو صورة من الماضي تتألق في مخيلته كلما شعر بالوحدة وتسلل إليه الإحساس بالملل والكآبة، وعندها يستعيد شعوره بالسعادة ويمتلئ قلبه بالفرح فيرقص كما ترقص زهور النرجس.(مهدي علي، 2013).

هذا التوجه الإيجابي-التفاؤلي هو ما دفع محمود درويش لكتابة هذا المقطع وتسميته بهذا الاسم- العتبة. نظرته لما يدور حوله إيجابية. يقول “ وُلدتْ

كما تريدُ… وتمشي حول صُورَتها

كأنها غيرُها في الماء..”.

ولدت كما تريد ، ما يعني أن لها خالص الحرية وكالنرجس تمشي حول نفسها كأنها غيرها في الماء ما يعني أن حالتها صعبة جدا ومؤلمة ولكن صورتها في الماء أي في رؤاها هي عكس الواقع أي ترى كم هي سعيدة والنرجس يمنحها الشعور بالمتعة والسعادة. والحب هو الحل فعندما تأتي حالة الحب، حب الحبيبة وحب البيت وحب الوطن والبلاد، يبتعد الألم وكل ما هو صعب. يُخرج الشاعر الأسطورة من نفسها حيث يجعل من نرجس نرجسة وفي المقطع هي أنثى تبحث عن صورتها الحقيقية، على عكس نرسيس الذي كان مغرما بنفسه، بعد أن رأى صورته في الماء.

من الجدير ذكره أن الله خلق في هذا اليوم، الاربعاء، النور “وَقَالَ اللهُ: لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. وَتَكُونَ أَنْوَارًا فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ. وَكَانَ كَذلِكَوَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا رَابِعًا. والنُّورُ  اسم من أسماء الله الحسنى ولقب السَّيِّد المسيحوأمُّ النُّور هي السَّيدة مريم العذراء ولقب النبي محمد “ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚقَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ” (المائدة، 15) والنور هو الضَوْءٌ والسطوع والوضوح والحقيقة والبيِّنة وغيرها، أعتقد ان العلاقة بين النور والنرجس هي أنهما يرمزان إلى المتعة والسعادة والحب.

3. الخميس: تكوين

وجدتُ نَفْسِيَ في نفسي وخارجها

وأنتِ بَيْنَهُما المرآة بَيْنَهُما…

تَزُورُكِ الأرضُ أحياناً لزينتها

وللصُّعود إلى ما سَبَّبَ الحُلُما.

أمَّا أنا، فَبِوُسْعي أن أكونَ كما

تَرَكْتِني أمسِ، قُرْبَ الماء، مُنْقَسِما

إلى سماءٍ وأرضٍ. آهِ… أين هُما؟

سفر التكوين هو أول أسفار التوراة (أسفار موسى الخمسة) وهو جزء من التوراة العبرية، كما أنه أول أسفار العهد القديم.  يسرد أحداث تبدأ مع بدء الخليقة وسيرة حياة بعض الأنبياء، وفيه سرد لقصة الخلق/ التكوين، كيف خلق الله الكون والإنسان وكيف اختار الله النبي نوح لكي ينذر البشرية من الطوفان الذي كان قادما إليها، ثم دعوة الله لإبراهيم وإسحاق ويعقوب وثم كيف بيع يوسف من قبل إخوته إلى تجار العبيد ووصوله إلى مصر وتَمَلُّكِه على كل أرض مصر، فسفر التكوين يسرد الأحداث منذ بدء الخليقة إلى فترة نهاية حياة يوسف.

يسمى السفر في العبرية بِرِيشيت (بالعبرية: בְּרֵאשִׁית)، والتي تعني حرفيًا في اللغة العربية: في البدء، وهما الكلمتان الأولى والثانية من السفر: “في البدء، خلق الله السماوات والأرض”(تكوين 1:1) وحينما ترجم أحبار اليهود الكتاب إلى اللغة اليونانية في القرن الثاني قبل الميلاد، في الترجمة المعروفة باسم الترجمة السبعينية للكتاب المقدس، اختاروا اسم كلمة تكوين وهي الإشارة إلى “تكوين” السماء والأرض، غير أن التقليد اللاحق اكتفى بالإشارة إلى كل سفر بالكلمة الأولى من العنوان.

في يوم الخميس خلق الله الكائنات الحية: الحيوانات البرية في الارض، الطيور في السماء والحيوانات البحرية في الماء. نجد في هذا المقطع من القصيدة ثلاثةَ تعابير: الأرض والسماء والماء لها علاقة في ما خلقه الله في يوم الخميس.

يتحدث الشاعر في هذا المقطع عن ذاته التي تحتوي على السماء وعلى الارض معا فيقول:

أمَّا أنا، فَبِوُسْعي أن أكونَ كما

تَرَكْتِني أمسِ، قُرْبَ الماء، مُنْقَسِما

إلى سماءٍ وأرضٍ. آهِ…

وكأن الشاعر يقول “بإمكاني أن أكونك” إي أنا أنت أي التمازج بين الاثنين ليصبح لهما ظلٌ واحدٌ، وتحضرني المقولة الوجودية “لا أنا بدون أنت” فكلُّ واحدٍ منا ضروري لبرهنة وجود الآخر .ويقولدرويش في قصيدة “لو كنت غيري” في كتاب “لا تعتذر عما فعلت”:

لو كُنْتُ غيري في الطريق، لَقُلتُ

للجيتار: دَرِّبْني على وَتَرٍ إضافيِّ!

فإنَّ البيتَ أَبعدُ، والطريقَ إليه أَجملُ-

هكذا ستقول أُغنيتي الجديدةُ- كلما

طال الطريق تجدَّد المعنى، وصرتُ اُثنين

في هذا الطريق: أَنا… وغيري!

وكيف يجد الإنسان نفسه في داخله وأحيانا في خارجه، كيف اننا أحيانا نغوص في ذواتنا في حالة التأمل ومراجعة حساباتنا وكم مرة، عكس ذلك، نفكر بما هو خارج عن ذواتنا ونفحص علاقاتنا بما هو خارج عنا.

وماذا يعني “تَزُورُكِ الأرضُ أحياناً لزينتها وللصُّعود إلى ما سَبَّبَ الحُلُما” هي حالة مقلوبة فالأرض جميلة والطبيعة جميلة ومصدر هذا الجمال هو وجهة نظرنا حول الأرض والطبيعة، نحن في وجهة نظرنا نعطي جمالا للأرض فتأتي إلينا لتتزين برأينا، وهذا ما قاله إيليا أبو ماضي في قصيدة “ فلسفة الحياة“:

والذي نفسه بغير جمال *** لا يرى في الوجود شيئا جميلا

كن غديرا يسير في الأرض رقراقا *** فيسقي من جانبيه الحقولا

أيّهذا الشّاكي وما بك داء ***  كن جميلا تر الوجود جميلا  

4. الجمعة: شتاء آخر

إذا ذَهَبْتِ بعيداً، عَلِّقي حُلُمي

   على الخزانة ذكرى مِنكِ، أو ذكرى

منِّي. سَيَأتي شتاءٌ آخر، وأرى

حمَامَتَيْنِ على الكُرْسيِّ، ثم أرى

ماذا صَنَعْتِ بجوزِ الهند: من لُغتي

سالَ الحليبُ على سُجَّادة أخرى

إذا ذهبتِ، خُذي فصل الشتاء، إذاً !

العلاقة بين الأرض والسماء، هي صورة إيروسية تصف العلاقة بين السماء والأرض كالعلاقة بين الرجل والمرأة. وحسب اسطورة الخليقة السومرية (إنوما إليش ومعناها “عندما في الأعالي“) ، لقد كان يطلق على الكون اسم (ان – كي)، وهي كلمة مركبة تعنى (السماء- الارض). في هذه الثنائية تعتبر (آن ـ السماء) رمز الذكورة، اما (كي ـ الارض) فهي رمز الانوثة، ومن اتحادهما ولد (انليل اله الهواء في الحضارة السومرية).

       والمطر هو عملية الجماع وهو ضروري للبقاء وله دور اساسي في الحياة، لأنه يعطي الماء للكائنات الحية والنباتات، والمناطق التي تعاني قلة الماء، أو قلة سقوط الأمطار عليها تكاد تنعدم فيها مظاهر الحياة. يرمز المطر بالإضافة للعطاء إلى الثورة والتجدد وخاصة عند محمود درويش وعند بدر شاكر السياب. ففي قصيدة “أُنشودة المطر” استخدم السياب المطر في بداية القصيدة للدلالة على الحزن والسوء والخراب ” كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباكْ — ويلعن المياه والقَدَرْ– وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ”. ولكن ،والأهم من ذلك، يستخدمه لاحقاً في لازمته للدلالة على الخير والتفاؤل، فيقول:” مطرْ… مطرْ… مطرْ… سيُعشبُ العراق بالمطرْ…” وفي موضعٍ أخر يتفاءل الشاعر بحاله وبحال موطنه ويقول قاهراً معاناته ومتحدياً معاناة شعب العراق: “في كل قطرةٍ من المطرْ— حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ.– وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراةْ— وكلّ قطرةٍ تُراق من دم العبيدْ—فهي ابتسامٌ في انتظارِ مبسم جديدْ— أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فمِ الوليدْ— في عالم الغد الفتيّ، واهب الحياةْ!”  وفي الحقيقة هذا هو الرمز الثوري ورمز التجدد، ومن مثل محمود درويش في طروحات مجددة وثورية.

   يقول الشاعر في هذا المقطع الجمعة: شتاء آخر :

  إذا ذَهَبْتِ بعيداً، عَلِّقي حُلُمي

   على الخزانة ذكرى مِنكِ

إذا قررت الذهاب علقي حلمي على الخزانة، الحلم كمِعطف قديم، علقيه كشيء غير مستعمل ولكن لا نهمله ولا نلقيه بعيدا، إنما نحتفظ به كذكرى منك أو ذكرى مني، وفي خزانة من نعلقه؟ خزانتك ام خزانتي؟ ولماذا؟ في خزانتي كي أتذكر حلمي وإذا كان في خزانتك كي تتذكري ماذا حلمت. والأهم يقول “علقيه سَيَأتي شتاءٌ آخرُ” وسوف نحتاج هذا الحلم كي يدفئَنا، ويتضح هذا المعنى من قوله “وأرى حمَامَتَيْنِ على الكُرْسيِّ بحثا عن الدفء، وهذا رمز لبعض العاداتفي الثقافة العربية الشعبية حول الشتاء، فمثلا يتحلق الجميع حول كانون النار طلباً للدفء، وكان الجميع  يستمعون إلى حكواتي في القرية او من أحد الأقرباء  يروي لهم من قصص التراث العربي. ولا يخلو الأمر من نكات وفوازير وغيرها، وفي نفس الوقت كان المسنون يتمنون المزيد من الأمطار لتزيد المحاصيل في الموسم.

ماذا صنعت بجوز الهند” جوز الهند هو إكسير الحياة ولهسبع عشرة فائدة لا تجدها إلا فى ثماره ويعتبر “صيدلية متنقلة”، يقلل التوتر، يخفض نسبة الكولسترول فى الدم،يساعد على تقوية جهاز المناعة ويقضى على السمنة. بعد هذه الجملة نجد نقطتين رأسيتين (:) وتوضع بعد الأقوال، وعند أقسام الأشياء، وأجزائها وورد بعدها:

من لُغتي

سالَ الحليبُ على سُجَّادة أخرى

إذا ذهبتِ، خُذي فصل الشتاء، إذاً !

من لغتي أي من كلماتي أو من شعري سال الحليب على سجادة أُخرى. وهذا التشبيه يصبح كالآتي:

لغتي/ كلماتي/ شعري يشبه جوز الهند المعروف بقساوته المادية وبفوائده الطبية، بعد كسر ثمرة جوز الهند يسيل حليبها على سجادة أُخرى أي يستفيد منه الجميع.

إذا ذهبتِ، خُذي فصل الشتاء، إذاً !” إذا قررت الذهاب خذي معك فصل الشتاء أي أوقفي الزمن. في هذا المقطع توجد “استدارة”  البداية والنهاية “إذا ذَهَبْتِ“، هذا الأسلوب من أجل الحفاظ على الجو الرومانسي والأسرار. في البداية إذا قررت الذهاب حافظي على حلمي وفي النهاية إذا ذهبت بعيدا خذي فصل الشتاء ولا أعود إلى الحلم والذكرى.

5. السبت: تزاوج الحمام

أصغِي إلى جَسَدي: للنحل آلِهَةٌ

وللصهيل رَبَاباتٌ بلا عَدَدِ

أنا السحابُ، وأنتِ الأرضُ، يُسْنِدُها

على السياج أنينُ الرَّغْبَة الأبدي

أُصغي إلى جسدي: للموت فاكهةٌ

وللحياةِ حياةٌ لا تُجَدِّدُها

إلاّ على جسدٍ… يصغي إلى جَسَدِ

       الحمام هو أحد أنواع الطيور التي يقوم الإنسان بتربيتها منذ آلاف السنين، يتميز بصفات عديدة تميزه وتجعله مفضلا عن باقي أنواع الطيور، فهو مقاوم لأمراض عديدة  ، كما أنّه من الطيور سهلة التربية، بالإضافة أن طعامه ذو تكلفة منخفضة. يعيش الحمام  بشكل أزواج متقاربة، سواء كانت هذه الأزواج منفردة أو ضمن سرب ويظل الحمام مع أليفه مدى الحياة والطيور المتزوجة فقط يسمح لها بالتواجد في المسكن حيث ان الطيور الفردية تسبب الكثير من الاضطرابات. يتكاثر الحمام بالبيض حيث يمكن للأنثى أن تضع البيوض في أي وقت من العام، ولا يقتصر ذلك على وقت معيّن من السنة، ويمكن للأنثى أن تضع بيضتين لونها أبيض، وتُحضَن البيضتان لثمانية عشرَ يوماً، بالتناوب بين الأبوين، وبعدما تفقس البيضتان تتمّ رعاية الأفراخ من قبل الوالدين لمدّة شهر كامل.

يعيدنا هذا المقطع “تزاوج الحمام” إلى المقطع السابق وخاصة إلى “حمَامَتَيْنِ على الكُرْسيِّ” حمامتين للتزاوج. “أصغِي إلى جَسَدي” وردت مرتين وينهي المقطع ب “ إلاّ على جسدٍ… يصغي إلى جَسَدِ”  لتوكيد أهمية الإصغاء من أجل المعرفة وعنده يعرف أن “للنحل آلِهَةٌ وللصهيل رَبَاباتٌ بلا عَدَدِ” ويكتشف حاجات الجسد ويعلن اكتشافه: “أنا السحابُ، وأنتِ الأرضُ” ويعيدنا هذا إلى العلاقة بين الأرض والسماء إلى الصورة  الأيروسية التي تصف العلاقة بين السماء والأرض كالعلاقة بين الرجل والمرأة، وهناك “أنينُ الرَّغْبَة الأبدي وللحياةِ حياةٌ لا تُجَدِّدُها إلاّ على جسدٍ… يصغي إلى جَسَدِ أي أن الحياة لا تتجدد إلا على جسد…يهتم بالجسد الآخر.

6. الأحد: مَقَامُ النَّهَونْد

يُحبُّكِ، اقْتَرِبي كالغَيْمَةِ… اقْتَرِبي

مِنَ الغريب على الشُّبَّاك يجهش بي:

أُحِبُّها. انْحَدِري كالنجمة… انْحَدِري

على المُسَافر كي يبقى على سَفَرِ:

أُحبُّكِ. انْتَشِري كالعَتْمة… انتشري

في وردة العاشق الحمراء، وارْتَبِكي

كالخيمة، ارتبكي، في عزلة الملك…

مقام النَّهَونْد واحد من المقامات الشرقية الرئيسية الأصيلة، يتميز بطابعه الموسيقي الخاص والشجي، وسُمي مقام النَّهَونْد بهذا الاسم نسبة إلى مدينة نهَونْد الإيرانيّة، ويصلُح النَّهَونْد لكلّ أشكال التأليف الموسيقي، أي أنّه يصلح لجنسين من الموسيقى: الحزينة والمرحة. له طابع رقيق عذب يناسب الألحان العاطفية الحزينة، وأيضاً له طابع طربي فرح. هذا المقطع فني بشكل واضح، ففيه إيقاع موسيقي في الكلمات: “كالنجمة، كالغيمة، كالعتمة” وهي تكرار لفظيّ لحرف  “ك” التشبيه وللمقطع “مة” كقافية” كما نجد إيقاعا موسيقيا أكثر حركة في أفعال الطلب: اقتربي، انتشري، انحدري، ارتبكي هذه الصيغة تكثف شاعرية المقطع موسيقيّا مما تثير إحساس المتلقي عند سماعه الإيقاع. لا ننسى أن اسم المقطع مقام النَّهَونْد” ولذلك الإيقاع الموسيقى المذكور يتماهى مع اسمه، وهذا ما يتوقعه المتلقي بمجرد تعرضه لاسم المقطع عتبته.

من الجدير ذكره أن نتعرف إلى ما يقوله جبران خليل جبران عن مقام النهوند: (جبران،1964)

يمثل تفريق المحبين ووداع الوطن ويصف آخر نظرة من راحل عزيز، يمثل شكوى آلام مبرحة بين ضلوع قوامها لظى الشوق.

النهاوند صوت من أعماق النفس الحزينة، نغم متجسم من مهجور يسأل عطفاً على رمقه قبل أن يضنيه البعاد. زفرات يائس أنشأتها المرارة وتنهدات قانط بثتها لوعة من أتلفه الصبر والتجلّد.

النهاوند يمثل الخريف وتساقط أوراق الأشجار المصفرة بسكينة وهدوء، وتلاعب الريح بها وتفريق شملها.

النهاوند صلاة والدة نأى ابنها إلى أرض بعيدة فباتت بعده تُغالب النوى فيهاجمها بعوامل اليأس وتصده بفواعل الصبر والأمل.

وفي النهاوند معنى بل معان وأسرار يفهمها القلب وتفقهها النفس، أسرار يحاول بثها اللسان وكشفها القلم، فيجفّ هذا وتنقطع أوصال ذاك.

نجد في هذا المقطع:الأحد: مَقَامُ النَّهَونْد ثلاثة ضمائر: “أنا، هو، أنت” ويبدو هذا جليا في:

“يُحبُّكِ، اقْتَرِبي كالغَيْمَةِ… اقْتَرِبي

مِنَ الغريب على الشُّبَّاك يجهش بي:

هو في الكلمات “يُحبُّكِ، يجهش، الغريب  “، أنت في كلمة “اقْتَرِبي، اقْتَرِبي“، أنا في الضمير “بي”. ما معنى كل هذا؟ هو يُحبُّكِ، من هو؟ هو الغريب. لذلك اقْتَرِبي منه على الشباك، أي شباك؟ هو شباك قلبي وروحي، كيف عرفنا هذا؟ عرفنا هذا لأنه يجهش بي أي يجهش في داخلي. بعد أن كشف لنا أن هو الموجود في “يُحبُّكِ” هو الغريب، المسافر وهذا يسكن في داخله، يكشف لنا الأن أنه يقصد ذاته ويظهر ذلك في الفعل “أُحِبُّها” لذلك انْحَدِري كالنجمة… انْحَدِري على المُسَافرويعلن: أنا المسافر، أنا الغريب وسأبقى غريب، سأبقى على سفر واعلمي أنني “أُحبُّكِ” وهنا يرتفع الإيقاع مع هذا الإعلان يرتفع في حركية أفعال الطلب “اقتربي،  انتشري،  انحدري،  ارتبكي” وكأننا أمام مشهد رقص على حلبة المسرح.

اقْتَرِبي كالغَيْمَةِ، انْحَدِري كالنجمة، انْتَشِري كالعَتْمةوارْتَبِكي كالخيمة:

الغيمة لا تقترب، دائما تحافظ على بعد ما ومسافة ما، حتى إذا الغيمة لامست فهي تلامس بالماء وبالطل وهي الدموع عندما يجهش بالبكاء.

النجمة لا تنحدر وهي أيضا تحافظ على بعد ما ومسافة ما، يطلب منها الانحدار كي تضيء له دربه فهو باق “على سفر” وبحاجة لضوء النجم.

العتمة تنتشر وهو يريدها أن تنتشر في وردة العاشق الحمراء وانتشري تعني اسطعي، انبسطي ومجازا تعني ذوبي في الحب وامْلَئِي العاشق كما تنتشر العتمة وتملأ المكان.

الخيمة ترتبك خجلا إذا زارها الملك وأنت الخيمة، ارتبكي أمامي فأنا الملك.

7. الاثنين: موشح

أمُرُّ باسْمِكِ، إذْ أَخلُو إلى نَفْسِي

كما يَمُرُّ دِمَشْقِيُّ بأندَلُسِ

هنا أَضاءَ لَكِ الليمونُ مِلْحَ دَمِي

وههنا، وَقَعَتْ ريحٌ عن الفَرَسِ

أمُرُّ باسْمِكِ، لا جَيْشٌ يُحاصِرُني

ولا بلادٌ. كأنِّي آخرُ الحَرَسِ

أو شاعرٌ يَتَمشَّى في هواجسِهِ…

       اسم المقطع الموشح وهو عتبته، فهو فن شعري مستحدث، ظهر في الأندلس، والموشح في اللغة: من الوشاح، وهو نوع من الزينة كانت المرأة تتزين به، هذا الفن الشعري لا يلتزم بقواعد الشعر العربي، ويميل إلى التنوع في الشكل. تميزت الموشحات بتحرير الوزن والقافية وتوشيح، أي ترصيع، أبياتها بفنون صناعة النظم المختلفة من تقابل وتناظر واستعراض أوزان وقوافي جديدة تكسر ملل القصائد. الغزل هو الشائع بين أغراض شعر الموشح، لكن هناك أغراض أخرى تعرض لها من بينها الوصف والمدح والذكريات.

       أول من بدأ بنظمه هو مُقدم بن مُعافى القَبْري (من مدينة قَبْرة قرب قرطبة)، في بداية القرن العاشر. يرى البعض أنه بُني على نمط أغانٍ إسبانية. في حين يُرجع بعض الباحثين نشأة الموشحات إلى التأثر بأغاني التروبادور الإسبانية. والرأي الصحيح أن الموشح نشأ في الأندلس استجابة لدواعٍ موسيقية غنائية وبالاحتكاك مع الأغاني الشعبية الأندلسية، فهو فن شعري عربي أندلسي. ويبدو أن هناك أموراً ساعدت على ظهور الموشحات في الأندلس قبل غيرها، منها: طبيعة الأندلس الجميلة الغنية بمياهها وأشجارها وورودها وأزهارها وغير ذلك. ثم التنوع الثقافي الناتج من التنوع العرقي في المجتمع. ثم حياة البذخ واللهو والرفاهية التي ظهرت وشاعت بين الناس، وكثرة مجالس الأُنس واللهو والطرب وما يتطلبه ذلك من تجديد في مألوف الحياة الاجتماعية، إضافة إلى انتقال المغني زُرياب (أواخر القرن التاسع) من المشرق إلى الأندلس وما ترتب على ذلك من إضافات موسيقية وغنائية إلى المجتمع الأندلسي، وبذلك كانت الموشحات استجابة لواقع اجتماعي وفني وطبيعي.

       ومضمون هذا المقطع كما نرى: عندما أخلو إلى نفسي وأفكر مليا وأذكر اسمك ومجازا يعني هذا أنك جزء مني. هذا تماما كما يتذكر دمشقي الأندلس ومجازا هذا يعني أن الأندلس هي جزء لا يتجزأ من الدمشقي، من تفكيره وأحاسيسه، ما يميز هذا التذكر هو العشق والحنين، فأمامنا صورة حنين ما بين دمشق الأمويين والأندلس الأموية. الاندلس التي فورقت ودمشق التي تنازع وتقاوم. الأندلس رمز المجد العربي نتيجة لدخول عبد الرحمن الداخل اليها، وهي حالة يستعيدها محمود ليصف شعوره بتذكر حبيبته. ” عندما اتذكر اسمك وانا أخلو بنفسي يشبه هذا شعور دمشقي عندما يتذكر أمجاد الأندلس. انها خلط بين صورتين فيهما حنين كبير وفي الحالتين يتألم: الملح يلذعه في دمائه الثائرة، ويتمشى الشاعر العاشق في هواجسه مثلما يتألم الدمشقي على فقدان الاندلس. عندما أتذكرك فأنا لست موجودا في ضائقة ولا أخاف لأنه “لا جَيْشٌ يُحاصِرُني ولا بلادٌ” وفي هذه اللحظة “كأنِّي آخرُ الحَرَسِ” فلا يجرء أحد على معارضتي “أو شاعرٌ يَتَمشَّى في هواجسِهِ” ولا يقترب منه أحد بسبب هواجسه وهي  مَا يَخْطُرُ مِنْ أَفْكَارٍ أَوْ صُوَرٍ بِبَالِ الْإِنْسَانِ نَتِيجَةَ قَلَقٍ أَوْحَيْرَةٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ تَخَوُّفٍ مِنْ شَيْءٍ مَّا، لذلك يتركونه في حاله.

      في النهاية

       حاولنا في هذه المقالة القيام بدراسة توضيحية إضائية لقصيدة “أيام الحب السبعة” من كتاب محمود درويش “لماذا تركت الحصان وحيدا” (1995). تنهي هذه القصيدة الفصل الخامس وقبل الأخير “مطر فوق برج الكنيسة” من الكتاب المذكور، يحتوي هذا الفصل على خمس قصائد عشق لحب مقدس، لهذا الحب وجهان: الروحاني والجسدي، القداسة والإيروسيةوهما وجهان للعلاقات بين العشيقين: الحبيب وحبيبته، الوطن والمواطن، المؤمن والغاية (المؤمن والله، المؤمن والبوذا، المؤمن والطبيعة والمؤمن وأي غاية Object“) وفي الحقيقة هما وجهان مكملان لبعضهما. والمقال كاسمه “توظيف الأسطورة والنص التراثي  عند درويش” فيه محاولة لإيجاد القاسم المشترك بين هذه القصيدة وبين غيرها من قصائد الشاعر وغيره من الشعراء بأن بحثنا عن الأساطير والقصص والرموز في قصائد أخرى له ولغيره. ووجدنا أن الشاعر وظَّفَ أسطورة العنقاء مثلا في العديد من قصائده لتصبح موتيفا يتكرر فيشعره.

       قمنا في المدخل بالتطرق بشكل عام إلى الأسطورة والقصة الشعبية والرموز كأدوات فنية في الشعر، ويليها موضوع توظيف الأسطورة والرّموز في شعر محمود درويش، ويلي ذلك المضمون العام في الفصل الذي يشمل القصيدة ومضمون القصيدة نفسها. بعد ذلك دخلنا في القصيدة نفسها ابتداءً من اسم القصيدة كعتبة لمضمونها، ثم الدخول في مقاطع القصيدة السبعة وحاولنا تفسير أسماء المقاطع وتوضيح العلاقة بين الاسم وبين المضمون فكان علينا إضافة معلومات عن الأسماء وعن الأساطير وعن الرموز كإضاءات تساعد في استيعاب ما يقوله الشاعر بشكل مباشر وغير مباشر فالقصيدة مليئة بالرموز المبهمة والمعاني المجازية والمفاهيم البعد إدراكية.

n.tannus@gmail.com

المصادر

1. البياتي، عبد الوهاب. (1993). تجربتي الشعرية، بيروت.
2. جبران، خليل جبران. (1964). “مقام النهاوند” في كتاب الموسيقى في المجموعة الكاملة، المؤلفات العربية، دار صادر. بيروت
3. درويش، محمود.(1994).ديوان محمود درويش، المجلد الثاني، أحد عشر كوكبا. دار العودة بيروت.
4. درويش، محمود.(1994). ديوان محمود درويش. المجلد الاول: كتاب “أوراق الزيتون، 1994” القصائد “عن الصمود” ص 40 وقصيدة ” ص 62 رباعيات” وكتاب “عاشق من فلسطين” 1966″شهيد الأغنية” ص 98.   بيروت.
5. درويش، محمود. (2001). لماذا تركت الحصان وحيدا؟ الأعمالالجديدة، إصدار رياض الريس. بيروت
6. درويش، محمود.(2004 ب). “الشعر حرفة وهواية“. مجلة الكرمل-فصلية ثقافية 79 . بيروت
7. طنوس، نبيل. (2017). سيميائية القصيدة في شعر فؤاد عزام. مجلة “شذى الكرمل” 9/2017 .حيفا.
8. طنوس، نبيل. (2018). “حجر كنعاني في البحر الميت/ محمود درويش بين الواقع والرؤيامجلة “شذى الكرمل”، العدد الثاني-حزيران 2018-حيفا.
9. عزام، فؤاد. (2017). قراءة في قصيدة “من الشرفة إلى الذروة” لنبيل طنوس. جريدة الاتحاد 13.11.2017 حيفا . ومجلة الإصلاح  3/2018- عرعرة
10. فحماوي وتد، عايدة. (2013). في حضرة غيابه، تحولات “قصيدة الهويّة” في شعر محمود درويش. إصدار: مجمع القاسمي للّغة العربيّة، أكاديميّة القاسمي ومكتبة كلّ شيء. حيفا.
11. كاصد، وسن علي (2016) القناع وتقنياته في الشعر العربي الحديث The Mask  فى: ثقافة وأدب. http://www.almanalmagazine.com
12. علي، عبد الصاحب مهدي.(2013). “ترجمة شعرية لأشهر القصائد الإنكليزية”.كلية الدراسات العليا-جامعة الشارقة، الإمارات العربية المتحدة.

نُشرالمقال في:

1. شذى الكرمل، العدد الثالث، أيلول 2018 . حيفا

14

Post Tags:

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
*